القائمة الرئيسية

الصفحات

أتى المسيح إلى عالمنا الحزين، بملء محبته، ممتلئا بالرحمة والحنان. تحنن على البشر، لأنهم كانوا منزعجين، ومطروحين كغنم بلا راعي(متى9: 36)،
وعلمهم من فرط محبته:
طوبى للحزانى، لأنهم يتعزون
(متى5 : 4)
دعا تلاميذه أن يلتفوا من حوله دون أن يُخضِعَهُم، فكان قدوة لهم، وأرشدهم بلطف. عندما أراد يوحنا وأخوه أن ينزلا نارا من السماء على الذين رفضوا إضافتهم، انتهرهما وقال لهما: " لستما تعلمان من أي روح أنتما؟" (لوقا 9: 55 ). وعندما أنكره بطرس مقدام التلاميذ، رغم أنّ يسوع حذره سابقا، فبكى بطرس بكاءً مُرّا. أما المقام من بين الأموات طلبه خاصة، وغفر له، وعزّاه (1كورنثوس15: 5).
عندما سلم الخائن يهوذا معلمه إلى أعدائه بقبلة، فلم يلعنه، بل قال له: "يا صاحب، لماذا جئت؟ أ بقبلة تسلم إبن الإنسان؟" (متى 26: 50؛ لوقا 22: 48).
يسوع هو محبة الله المتجسد، وصبره المتأنس. كان رحيما كما أبوه الروحي في السماء هو رحيم ( لوقا 6: 36). قادته رأفته بالمساكين، والمرضى إلى شفاءاته المدهشة العجيبة. ولما رأى الأرملة الباكية، التي اتجهت لدفن ابنها الوحيد، أوقف المسيح موكب الحزن، وأقام ابنها وسلمه إلى أمّه.
وعندما تقدّم الرجال البرص المحرومون من الاقتراب إلى الأصحاء، وطلبوا منه الشفاء، لم يطردهم، بل حررهم من برصهم بسلطة كلمته. وعندما التقى بالملبوسين، وصرخت الأرواح النجسة لرؤية يسوع، لم يبتعد عنهم، بل حرّر العبيد من أرواحهم النجسة بكلمته الفعالة.
أسكت يسوع العاصفة في البحر، لينجي تلاميذه من الغرق، وأشبع خمسة آلاف من مستمعيه الجياع بخمسة أرغفة وسمكتين، وبارك الأولاد، وغفر ذنوب المفلوج، وقال لأخت لعازر:"إن آمنت ترين مجد الله" (يوحنا 11: 40).
أحب يسوع الجميع، وحتى خصومه، وأبصر خطايا الناس، وعرف أنهم غير قادرين أن يخلصوا أنفسهم بأنفسهم، لهذا رفع خطايا العالم على كتفيه، وكفر عنهم، كما أعلن الوحي للنبي أشعيا
لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها.
ونحن حسبناه مصابا، ومضروبا من الله، ومذلولا.
وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا.
تأديب سلامنا عليه، وبحُبُره شفينا.
كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه،
والرب وضع عليه إثم جميعنا.
( اشعيا 53: 4-6 ).
أوجد ابن مريم فداء العالم، والبرّ المقبول عند الله، للذين يثـقون به. أهلنا بكفارته، لننال الروح المعزي.
حلول الروح المعزّي
مَن ينفتح لمحبة الله ولرحمة المسيح الشافية، ويقبل كفارته الكاملة، ينلْ روح التعزية، وهو روح الحق. وعد يسوع أتباعه قبيل وفاته:
أنا أطلب من الآب أن يعطيكم معزيا آخر،
ليمكث معكم إلى الأبد،
روح الحق، الذي لا يستطيع العالم أن يقبله،
لأنه لا يراه ولا يعرفه،
أما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم
(يوحنا 14: 16-17،26؛ 15:26؛ 16: 7-14 ...الخ).
الروح المعزّي هو موعد الآب، الذي يمنح باسم المسيح لكل من يطلبه منه (لوقا 11: 13).
يعلمنا هذا الروح القدوس الحقيقة عن الله، وعن أنفسنا، وعن الشيطان، ويفتح بصائرنا للحق الإلهي، ويخـاطب أفئدتنا، وينشئ الإيمان المستقيم فينا،
ويمنحنا اليقين غير المتزعزع. هو محامينا يوم الدين، ويعزينا إن بكتتنا ضمائرنا. يرشدنا روح الحق حسب شهادة بولس الرسول: "كل الذين ينقادون بروح الله، هم أبناء الله" (رومية 8: 14).
يعيننا هذا الروح المعزي في فشلنا، وخيبتنا، وغبائنا، ويمنحنا الاطمئنان، والسلام، والحفظ في الخطر المحدق، وينصرنا على خوف الموت. ويلهمنا هذا الروح لنصبح حكماء و ودعاء، ويغلب على خطايانا
إن أبغضناها. روح الله هو قدوس، ويشاء أن يقدّسنا، ويهدينا إلى الاعتراف أمام الله، ويحثنا للصدق والطهارة والمصالحة.
لا يمجد المعزّي الإلهي نفسه، بل ابن مريم الفادي، ويفهمنا بيّنات محبته. روح الله هو الحياة الأبدية، والقوة التي لن تزول، يعزينا في كل حين، ويغلب موتنا بحياته، ويمكث فينا إلى الأبد.
يحل هذا الروح المعزي في أتباع المسيح، ليس لأجل صلاحهم الخاص، بل لأجل إيمانهم بكفارة المسيح وحده. يغيّرهم هذا الروح في سلوكهم، لتظهر فيهم محبة الله، وجودته ولطفه.
ويرشدنا هذا المعزي لنشر كلمة الله، ولنخدم المساكين عمليا، ويملأنا بالحمد والشكر، ويريد المعزي الحنون أن يبدلنا إلى معزين كما صلى الرسول بولس :



"مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح،
أبو الرأفة، وإله كل تعزية،
الذي يعزينا في كل ضيقتنا،
حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة،
بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله".
( 2كورنثوس1: 3-4).
لا يغيّر روح الله الأحوال المدنية حولنا أولا، بل يغيّرنا نحن بفداء المسيح. تشتاق قلوبنا إليه، ونستلم قوة نعمته من خلال آيات الإنجيل. مَن يقرأ كلمات المسيح، ويحفظها، ويعمل بها، يصبح إنسانا سعيدا.
هل اختبرت تعزية الله؟
إن أردت أن تعرف أكثر عن حقيقة الروح المعزي الإلهي، نرسل لك مجانا إنجيل المسيح مع التأملات والصلوات لتجد السلام مع الله في وسط الحياة المظلمة.

تعليقات