القائمة الرئيسية

الصفحات

الكتاب المقدس والعلم الحديث

مقدمة عن الكتاب المقدس والعلم الحديث
ما فائدة التحدث عن العلم في الكتاب المقدس؟
يوجد مناهج كثيرة لإثبات أن الكتاب المقدس هو كتاب الله، وأحد هذه المناهج هو العلم. فالكتاب المقدس هو كتاب روحي، وهدفه روحي بحت.. لذا فهو يستخدم لغة بسيطة تتناسب مع الكل.. ورغم هذه البساطة الشديدة، وهذا الهدف الروحي الذي يسعى إليه الكتاب، فهو يعتبر "أصح كتاب علمي في التاريخ البشري".


فعندما نقيس الكتاب المقدس بمقاييس علمية، سنجد بعض الملاحظات:
1- أنه لا يوجد فيه خطأ علمي واحد: الكتاب المقدس لا يحتوى على الأخطاء العلمية الشائعة في تلك العصور وقت كتابته.. فكلنا نعلم أن بعض كتاب العهد القديم عاشوا في بيئات مختلفة، فموسى عاش في بيئة مصرية وبعض أنبياء العهد القديم الذين أتوا بعده عاشوا في بيئات فارسية وبابلية أو كلدانية.. وكل منهم كان لهم اعتقادهم في نشأة الأرض والحياة وحول لاهوت الله..

2- هو الكتاب الوحيد الثابت أمام التيارات العلمية المضادة على التاريخ البشري. فإذا ظهرت أي نظرية تتعارض مع نص الكتاب، فنتأكد أنها ستزول مع الزمن، وستتبدد ويبقى الكتاب.

3- يوجد توافق علمي عجيب بين المعرفة السليمة للكتاب والحقائق العلمية.. (فالفرق بين هذه النقطة وسابقتها أن "الحقيقة" ثابتة، و"النظرية" قابلة للتغير).

4- الكتاب المقدس هو أقدم مرجع للكثير من الحقائق العملية.

# الكتاب المقدس يحوي حقائق علمية مكتوبة بلغة غير علمية:
ينظر البعض إلى الكتاب المقدس ككتاب علمي ويتوقعون أن يجدوا فيه بعض المعادلات الكيميائية وأخبار الاكتشافات وغزو الفضاء..! وعندما لا يجدونها يعتقدون أن العلم والدين لا يتفقان!!
ويقول بعض المعترضين على الكتاب المقدس أنه خال من التعبيرات والاصطلاحات العملية، وهو بالكلية خال تماما من اللغة العلمية ولذلك فهم لا يقبلونه -إذا تعرض لموضوع علمي- ككتاب مسلم به من كتب العلم. ويمكن الرد على ذلك بالقول أن الكتاب المقدس لا يحوي اللغة العلمية ونحن سعداء بهذا لان اللغة ما هي إلا أداة للعقل البشري يصوغ بها أفكاره، وهي دائماً تتغير بتغير الأجيال، ولغة العلم الحديث حديثة كحداثة العلم نفسه لأنها أخذت تكتمل في هذا القرن، وكل يوم نسمع عن إصلاحات علمية جديدة أضيفت إلى اللغة العلمية ولم تكن تعرف من قبل، فكيف يمكن للكتاب المقدس أن يحوي على اللغة العلمية مع أنه كتب من آلاف السنين؟!

ولو كتب الكتاب المقدس بلغة العلم فإنه يكون مستعصياً فهمه على عامة الناس، إذ ليس كل الناس علماء، بينما أراد الله أن يعلن ذاته في الكتاب المقدس لكل البشرية في كافة أجيالها المتعاقبة العلماء ومنهم البسطاء.

أن الكتاب المقدس يحوي كثيراً من الحقائق العلمية ولكنها مكتوبة بلغة غير علمية، ويعبر عنها بلغة بسيطة جداً يسهل حتى على الأطفال فهما. وهذا يدل على أنه ليس من صنع البشر بل هو كلمة الله حقا.
فكيف لهذا الكتاب رغم لغته البسيطة، يكتب هذه الحقائق ويكتشفها منذ آلاف السنين..

والأعجب من هذا أن الكتاب قد كُتِبَ تقريباً على مدى 1600 سنة، واشترك في كتابته على الأقل أربعون كاتب، وكل منهم ينتمي لأماكن ومناطق مختلفة على مستوى العالم.. ورغم كل هذا التباين في التاريخ والمكان والمستوى الفكري، بل والظروف النفسية التي كتب فيها الكتاب (منفى – سجن – قصر..)، ورغم كل هذا، فنجد أن هؤلاء لم يتأثروا بكل السلبيات العلمية، والأساطير، والنظرات الفكرية والفلسفية بكل هذه الأماكن..

فكل ما كُتِب كان من وحي الله، وهذا هو دور وعمل الروح القدس مع كاتبي الكتاب..
         




أيام الخليقة الستة
مقدمة
إن كل تعليم أرثوذكسي للعقيدة المسيحية يبدأ بدراسة الخلق لكي يؤكد لنا طبيعة الخليقة وطبيعة الإنسان الحسنة جداً (تك31: 1). ثم يتبع هذا دراسة سقوط الإنسان لفهم أسباب معاناته. وبعد ذلك الحديث عن الفداء والخلاص، وذلك يستلزم تأكيد أرثوذكسية إيماننا عن طبيعة السيد المسيح Christological Dogma، ولا ينتهي الحديث بدون تأكيد إيماننا بالروح القدس ودوره في الخليقة والكنيسة.. عاملاً فينا بالأسرار حتى القيامة وحياة الدهر الآتي. ولذلك وضعت الكنيسة قانون الإيمان الذي يرسخ هذه المفاهيم.

يذكر علم الجيولوجيا أن الكون وُجِدَ في 10.000 مليون سنة، والأرض من حوالي 4500 مليون سنة. وبخصوص تاريخ علم الأرض، تم تقسيمه بالرجوع إلى ما فيها من آثار وبقايا حيوانية ونباتية (حفريات) إلى قسمين:

الأول سُمي بعصر ما قبل الكمبري Proterozoic (البروتيروزويك)، والثاني عصر ما بعد الكمبرى. ويتميز الأول بتكوين الأرض ووجود كائنات أولية لم تترك آثاراً أو بقايا. وأما القسم الثانى فقد تم تقسيمه إلى ثلاث أحقاب؛ وهي حقبة الحياة القديمة Paleozoic، وحقبة الحياه المتوسطة Mesozoic، وحقبه الحياة الحديثة Cenozoic.

ولقد تم تقسيم كل حقبة إلى مجموعة من العصور يتميز كل منها حفريات تدل على الكائنات التي كانت تعيش فيها.. وطبقات التربة المنفصلة بين العصور.. وتغير المناخ الفجائي.. إلخ.

ويحكي لنا سفر التكوين في أصحاحاته الثلاثة الأولى قصة شعرية حقيقية ولكن في أسلوب رمزي ****phorical، كما شرخ وأكد لنا الكثير من الآباء الأولين مثل القديس يوحنا ذهبي الفم والقديس باسيليوس والعلامة أوريجينوس وغيرهم.. يحكي لنا أن الله هو الخالق الوحيد، وعلة وجود الكون كله والإنسان، بدون شريك. ويؤكد لنا في نهاية كل فقرة من فقرات الخليقة (المرموز لها بالأيام الستة) أن الخليقه المادية كلها حنة ومُرضية. وكيف لا تكون كذلك وهي من عمل "قوة نقية" كما علَّم البابا القديس أثناسيوس الرسولي؟! وأما الانسان فقد خلقه الله وبصورة خاصة، حاملاً "نعمة" خاصة جعلته حسنا جدا. ويعلم القديس اثناسيوس في كتاب "تجسد الكلمة"، أن هذه النعمة قد أعطيت للإنسان لكي تحميه وتحفظه من الفساد، أي التحلل والفناء الجسمي والموت الروحي أيضاً بالبُعد عن الله للأبد. وقد علَّم أن الإنسان لم يُخلَق خالداً (من الناحية الجسمية)، ولكنه خُلِقَ قابلاً للموت بالطبيعة mortal by nature.

أما مَنْ يؤمنون بحرفية (تك1-3) وهم يُسمون Creationists فالكون بالنسبة لهم قد خُلِقَ كله في مدة 144 ساعة فقط (ستة أيام)!! وهم يرفضون المعطيات العلمية، مدَّعين أن العلماء يهدفون إلى محاربة الإيمان، رغم أن كثيراً من العلماء يؤمنون بوجود الخالق، ولكنهم أيضاً يحترمون صحة الإكتشاف العلمي. فهل هناك من تعارض بين الكتاب المقدس والعلم؟! خاصة فيما يختص بنشوء الحياة وظهور الوعي والإدراك بظهور الإنسان؟

المشكلة ليست بين الكتاب المقدس والعلم، ولا بين الإيمان والفكر التحليلي المستنير.. فيقول فرانسيس بيكون Francis Bacon، أن الله قد أعطانا كتابين لا يشوبهما أي خطأ:

الأول: "الكون المادي"، وتفسيره "العلم" Science.

والثاني: "الكتاب المقدس"، وتفسيره "العقيدة اللاهوتية" Theology.

وإن كان الكتابان معصومين من الخطأ، إلا أن تفسيرهما، لأنهما –أي التفسيرين- عمل بشري، قد يقبلان الخطأ. ومن هنا يبدو سبب الخلاف الظاهري بين آراء العلماء واللاهوتيين، وخاصة أن اللاهوتيين في الكثير من الأحيان (مثلما حدث مع جاليليو Galileo في القرن 17)، يظنون أن آرائهم العلمية لها نفس الصحة مثل آرائهم اللاهوتية في العقيدة، أو أن الرأي اللاهوتي هو نفسه الرأي العلمي!

ويحدد العلماء عمر الخليقة على الأرض بحوالي 5000 مليون سنة. ولكن الكتاب المقدس قد أوضح أن الخليقة تمت في ستة أيام!! فكيف هذا؟!

وهنا يثير تساؤل هام.. هل توافق على رأي الكتاب المقدس الموحى به من الله؟ أم تتبع رأي العلم المبني على دراسة دقيقة مستخدماً أحدث الوسائل العلمية؟!


أيام الخليقة الستة
محاولات التوفيق في شرح أيام الخليقة الستة في الكتاب المقدس
لقد حاول الكثير من العلماء والمفكرين من المسيحيين على مدى التاريخ التوفيق بين الرأيين (بين ما يقوله الكتاب المقدس أن عملية الخلق تمت في سنة أيام، وبين ما يقوله العلم أنها أخذت ملايين السنين)، ومن هذه المحاولات:

الرأي الأول:
وقد تبناه العلامة بيتر ستونر Peter Stoner في كتابه "العلم يتكلم" Science Speaks. ويذكر هذا الرأي أن الخلق قد تم في فترات قصيرة هي أيام الخلق الستة، وفصل الله بين فترات الخلق القصيرة بفواصل زمنية طويلة تمثل ملايين السنين. أي أنه بين يوم خلق وآخر يتوقف الله عن عملية الخلق! ويذكر الكاتب أن عملية الخلق تحدث فجأة وبسرعة، وهذا ما يوضحه التغير الفجائي بين طبقات الأرض المختلفة وما تحتويه من حفريات..

وللرد على هذا الرأي نقول:
1- أن عدد الأحقاب الجيولوجية التي ينبغي أن تفصل أيام الخلق لا تتناسب إطلاقاً مع أيام الخلق نفسها.
2- يلاحَظ وجود أيام خلق تحوي كائنات حية تنتشر حفرياتها على مدى زمني أكثر من حقبة جيولوجية، كاليوم الخامس الذي خلقت فيه كائنات ظهرت وانتشرت تدريجياً في كل حقبتي الحياة القديمة والمتوسطة.
3- وأيضاً توجد أحقاب ارتبطت زمنياً بظواهر طبيعية أو حركات أرضية أو وجود كائنات تحدث عنها الكتاب المقدس في أكثر من يوم. ومثال ذلك فترة ما قبل الكمبري الذي يحوي ما تحويه الأيام الأربعة الأولى.

الرأي الثاني:
وهو ما ذكره وليم كيلي في كتابه "في البدء والأرض الآدمية"، وهذا الرأي يتركز في وجود مجموعتين من الخليقة: الأولى منها ما ذكرها العلم تفصيلاً في الاحقاب الجيولوجيه، وهذه الحياة اندثرت بكاملها. والثانية التي ذكت تفصيلاً في الكتاب المقدس كخليقة جديدة بعد فناء الخليقة الأولى! ويذكر أن الأولى وجدت على مدى أحقاب زمنية والثانية فقط في أيام! ويدعي أن قول الكتاب "وكانت الأرض خربة وخالية" (تك2: 1) أن هذه الآية تتحدث عن دمار الخليقة الأولى المذكورة في آية "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تك1: 1)!

وللرد على هذا نقول:
1- إن كان الله قد خلق الخليقة الأولى في فترات طويلة ذُكرت علمياً تحت عبارة "أحقاب زمنية" في فترة تصل إلى مئات الملايين من السنين. فلماذا إذن غيَّر أسلوبه في عملية الخلق وخلق الخليقه الثانية في ستة أيام فقط؟ هل تطور الله في أسلوبه وقدراته على الخلق؟! حاشا لله. وأيضاً لماذا تم إفناء الخليقة الأولى؟!
2- هل خلقها ثم أفناها كما يقولون كنوع من الإعداد والتهيئة لخلق الإنسان؟! هذا كلام غير منطقي وغير مسبب.. فماذا ستضر مثلاً بعض الكائنات الدقيقة من إفنائها؟!
3- بالنظر إلى الآية التي يستند إليها في فناء الخليقة الأولى "وكانت الأرض خربة وخالية"، نلاحظ عدة ملاحظات منها:

- إنه يقول "وكانت الارض خربه"، ولم يقل "وصارت الأرض خربة"، أي أن ذلك إقراراً لحالة وليس توضيحاً لتغيير حدث.
- عبارة "خربة وخالية" تتوافق علمياً مع طبيعة الأرض عند بداية تكوينها قبل وجود أي خليقة عليها حيث كانت جسماً منصهراً من شدة الحرارة، ولا توجد فيها أي نوع من الحياة..

- وعبارة "وعلى وجه الغمر ظلمة" بسبب الأبخرة الكثيفة التي خرجت منها نتيجة لحرارتها المرتفعة، والتي كانت تحيط بها لإرتفاعات شاهقة تمنع دخول الضوء إليها..

5- ويلاحظ أن كثيراً من كائنات الخليقة التي يُفترض حسب النظرية أنها انقرضت (كائنات الأحقاب) لازالت موجودة حالياً، بل والمتتبع لتطورها الوظيفي يجد أن الموجودة منها حالياً هو امتداد طبيعي متدرج من التي وجدت منذ زمن طويل، ولازالت محفوظة في باطن الأرض كحفريات.. حيث أدعوا أنها فنيت!

الرأي الثالث:
وهو يفترض أن أيام الخليقة التي ذكرها الكتاب المقدس لم تكن مدتها 24 ساعة، ولكنها كانت طويلة.. فكان زمن اليوم يشمل مئات آلاف السنين أو ملايين السنين. بمعنى أكثر وضوحاً أن ليل ذلك اليوم لا يستمر لساعات بل لملايين السنين، وبالتالي نهاره بنفس الصورة. ولمزيد من التوفيق ذكروا أن الأيام الأربعة الأولى (يوم الخليقة الأول، يوم الخليقة الثاني، يوم الخليقة الثالث، يوم الخليقة الرابع) للخليقة تمثل فترة ما قبل الكمبري، وجعلوا اليوم الخامس للخليقة يشمل حقبتي الحياة القديمة والوسطى وقسموا حقبة الحياة الحديثة إلى نصفين، الأول منها يتمشى مع اليوم السادس ونصفها الثاني يتوافق مع اليوم السابع.

وللرد على هذا الافتراض نقول:
1- أنه إذا فرضنا أن يوم الخليقة يتناسب مع حقبة زمنية، أي أن طول اليوم عبارة عن بضعه ملايين من السنوات، فإن هذا يعني أن ليل ذلك اليوم يشمل بضعة ملايين من السنوات، وناهره يمر خلال عدة ملايين أخرى. فماذا عن النبات أو الحيوان الذي وإن زاد عمره فلن يزيد على بضعة مئات من السنوات، هل يعيش طول عمره في ليل مظلم؟! وكيف يعيش الحيوان مع استنفاذ الأكسجين لطول الليل (بضعة ملايين من السنوات)، حيث أن الاكسجين Oxygen لا يتم إنتاجه بواسطة النبات إلا في الضوء فقط. وفي الجانب الآخر كيف تعيش الحيوانات والنباتات طوال عمرها حيث الشمس الحارقة دون راحة؟!

2- إن هذا الأفتراض لا يمكن أن يقوم علمياً لأن مدة اليوم ثابتة علميا منذ أن وجدت الأرض. حيث أنها تكمل دروتها حول نفسها أمام مصدر الضوء –الشمس مثلاً- في 24 ساعة، وهذا الأمر لم يختلف منذ البداية.

الرأي الرابع:
وهو يمكن في اعتبار جعل كلمة "يوم" في الكتاب المقدس رمزية تشير إلى مدة زمنية، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي تشير إليها.. فقد تشير إلى حقبة زمنية أو أقل.. أي أنها لا تعني يوماً من 24 ساعة. فاليوم وإن كان قصيراً بالنسبة لنا، هكذا الحقبة عند الله، وكما لليوم مساء وصباح أي بداية ونهاية، هكذا الأحقاب مهما طال زمنها فلها بداية ونهاية. أي أن اليوم هنا لا يأتي بالمعنى الحرفي ولكن بالمعنى الرمزي.




معنى يوم في الكتاب المقدس


الرأي الرابع الذي ذكرناه في الصفحة السابقة هو الرأي الذي نوافق عليه، وهو رأي صائب.. والدليل أن كلمة "يوم" في الكتاب المقدس قد أتت بمعان كثيرة..
فيُلاحَظ في الكتاب المقدس أن عبارة "يوم" وإن كانت تعني يوماً محدداً بأربعة وعشرون ساعة في أغلب الأحيان، إلا أنها أيضاً وفي أحيان كثيرة تأتي بصورة رمزية.

أولاً: أمثلة لأيام تعني أيام من 24 ساعة:
1- المائة وخمسون يوماً الخاصة بالطوفان (تك8: 3).
2- الأربعين يوما التي قضاها الجواسيس في كنعان (عد25: 13).
3- الثلاثة أيام التي قضاها يونان في بطن الحوت (يون17: 1).
4- الأربعين يوماً التي كان السيد المسيح يظهر فيها لتلاميذه بعد قيامته (أع3: 1).

ثانيا: أيام رمزية:
1- عبارة يوم تشير إلى لحظات أو دقائق: "اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" (مز7: 95).
2- عبارة يوم تشير إلى جزء من اليوم: مثال ذلك دفن السيد المسيح في القبر والذي لم يكمل 48 ساعة، ولكنها كانت موزعة على ثلاثة أيام قيل أنه وضع في القبر ثلاثة أيام.
3- عبارة يوم تشير إلى سنة: "الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعباً" (أي1: 14)؛ "أنا صغير الأيام وأنتم شيوخ" (أي6: 32)؛ "أيامي كظل مائل وأنا كمثل العشب اليابس" (مز11: 102)؛ "أيامي إنطفأت" (أى1: 17)؛ "أيامه مثل ظل عابر" (مز4: 144)؛ "سبعين أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القديسين" (دا24: 9). وفي هذا المثال الأخير نلاحظ أن السيد المسيح (قدوس القديسين) لم يأتِ ولم يُمسَح بعد بعين أسبوعاً ولا سبعين شهراً، بل بعد حوالي 490 سنة أي أن كل يوم يرمز إلى سنة كاملة! ولتأكيد ذلك نلاحظ قول دانيال النبي: "أنا دانيال كنت نائماً ثلاثة أسابيع أيام" (دا2: 10). وهي عبارة لم تذكر في الكتاب المقدس كله إلا في هذا الموضوع ليفرق بينها وبين الأسابيع السابقة التي لم تكن أسابيع أيام بل أسابيع سنين.
4- عبارة أيام تشير إلى المستقبل: "إسمع يا إسرائيل: أنت اليوم عابر الأردن" (تث1: 9). ولكن بني اسرائيل لم يعبروا الأردن إلا بهد سنوات طويلة. – "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، نبتهج ونفرح فيه" (مز24: 118). والمزمور هنا يشير إلى يوم الخلاص الذي سيتممه الله على عود الصليب، وهذا ما حدث بعد زمن طويل. – "قبل يوم يتوفى وسعفه لا يخضر" (أي32: 15).
5- عبارة يوم تشير إلى كل الحياة: "وأسكن في بيت الرب مدة الأيام" (مز6: 23).
6- عبارة أيام تشير إلى تاريخ البشرية كلها: "ها أنا مهكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر" (مت20: 28).
7- عبارة أيام تشير إلى نهاية العالم: "فإن لرب الجنود يوماً على كل متعظم وعال وعلى كل مرتفع فيوضع" (إش12: 2)؛ "فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المسكتبرين وكل فاعلي الشر يكونوا قشاً ويحرقهم اليوم الآتي" (ملا4: 1).
8- عبارة أيام تشير إلى ألف سنة: "لأن الف سنه في عينيك مثل يوم أمس بعدما عبر وكهزيع من الليل" (مز4: 90)؛ "ولكن لا يخف عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء: أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد" (2بط8: 3).
9- عبارة ايام تشير إلى الأبد: "وأجعل إلى الابد نسله وكريه مثل أيام السنوات" (مز29: 89)؛ "أحكامك تثبت اليوم لأن الكل عبيدك" (مز91: 119) فأحكام الله ثابتة إلى إنقضاء الدهر.
10- عبارة أيام تشير إلى الأزلية: "القديم الأيام" (دا9: 7)

ومما يؤكد هذه النظرية أن الكتاب المقدس يذكر عبارة: "وكان مساء وكان صباح" لكل الأيام فيما عدا اليوم السابع. أي أن أيام الخلق كلها لها بدايتة ونهاية، وأما اليوم السابع فبدأ ولم ينته.. فاليوم السابع يمتد منذ خليقة آدم وحتى نهاية العالم. وهذا يرينا من هو طويل جداً، وبالتالي يمكننا أن نتوقع ما تشير إليه عبارة يوم في أيام الخلق من طول قد يمتد لآلاف أو ملايين السنوات..



أيام الخليقة الستة


اليوم الأول -1: السموات والأرض


تبدأ دراستنا العلمية للكتاب المقدس بدراسة الأصحاح الأول من سفر التكوين، الذي يعتبر مرجعاً علمياً رغم أسلوبه المبسط الخالي من المصطلحات العلمية.. فنرى فيه كنوزاً علمية مخفية فيه تم كشف أسرارها مع تقدم العلم الحديث.

في البدء خلق الله السموات والأرض
الله هو خالق الكون.. ولن ندخل في تفاصيل إثبات هذا الأمر، أو الرد على القائلين بأنه وهم، أو موجود تلقائياً أو أزلياً.. ولكن إن أردت معلومات أكثر عن هذا الموضوع، إتصل بنا وسوف نقوم بإضافتها..

وفي البداية نجد أن الكتاب عندما يتحدث عن خلق السماء يذكرها بصيغة الجمع "السموات":

أولا: حيث طبقاتها المختلفة؛ فمنها سماء الطيور، والتي يوجد فيها الهواء، وسماء النجوم.

ثانياً: لحديثه الشامل عن السماء المادية والسماء الروحية كالفردوس وسماء السموات.

كما يُلاحَظ إشتراك أنبياء آخرين في تأكيد حقيقة خلق الله لكون. فيخاطب داود النبي الله قائلاً: "من قدم أسست الأرض، والسموات هي عمل يدي" (مز5: 102). وكلمه "قدم" تؤكد عبارة "في البدء" التي ذكرها موسي النبى، وتعني ما قبل الحياة بصفة عامة..

وكذلك إشعياء النبي يقول: "لأنه هكذا قال الرب خالق السموات هو الله، مصور الأرض وصانعها.. هو قررها.. لم يخلقها باطلاً.. للسكن صورها.. أنا الرب وليس آخر" (إش18: 45). وهنا في هذه الآية التي دونها اشعياء النبى في الكتاب المقدس يكشف لنا عمقاً علمياً عجيباً يتماشى مع أحدث النظريات العلمية الخاصة بتكوين الكون؛ فيقول عن الله أنه خالق السموات أما عن الأرض فيقول أنه مصورها وصانعها. وهنا نلاحظ ملاحظتين:

الملاحظة الأولى: إنه يذكر عملية خلق السموات قبل أن يتحدث عن الأرض، وهذا ما يتوافق مع ما جاء بالإصحاح الأول من سفر تكوين، بل وما يتفق تماماً مع الحقائق العلمية.. فالأرض أُخِذَت من أصل نجمي موجود، حيث تم إنفصالها منه، مما يؤكد وجود فاصل زمني بين تكوين الأرض والشمس.

الملاحظه الثانية: عندما يتحدث عن السماوات يقول: "خلق"، أي أوجدها من العدم. إلا أنه عندما يتحدث عن الأرض وإن كان يذكر أنه خلقها كما في (تك1)، إلا أنه يضيف في أشعياء 45 عبارة "صانعها". وكل صانع شيء لا يصنعه من لا شىء بل من شيء آخر يصنعها، من شيء أولي كما تُصنَع المعدات من خاماتها المتعددة كالحديد والنحاس.. إلخ. وكما يُصنَع الخزف من الطين، هكذا أُخِذَت الأرض وصُنِعَت من المادة الأولية للمجموعة الشمسية، والتي كانت سديماً مثلاً أو نجما آخراً. وهذا يوضح دقة تعبير الكتاب المقدس، والذي يبرز التوافق العجيب بين ما جاء فيه وبين الحقائق العلمية الحديثة، وإن كان كتابنا المقدس يذكرها بأسلوب بسيط خال من المصطلحات العلمية التي لا يفهمها الكثيرون. وهذا يؤكد صحة الكتاب المقدس، بل أن الذي أوحى به لكاتبيه هو الله نفسه.



أيام الخليقة الستة

اليوم الأول -2: صورة الأرض

"وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه" (تك2: 1). ونجد كلمة خربة في الترجمة الإنجليزية formless أي بلا شكل.

"وكانت الأرض خربة وخالية":
هذه العبارة وإن كانت صغيرة في مظهرها، إلا أنها كبيرة في محتواها. بسيطة ولكنها عميقة في جوهرها لما تحتويه من أسرار وخبايا. ولقد ظلت هذه العبارة غريبة على الآذان، إلى أن تقدم العلم وأثبت أن الأرض لابد أنها كانت خربة وخالية من كل مظاهر الحياة في بداية تكوينها.. فلم تكن في بدايتها إلا مجرد تجمع من الأبخرة الملتهبة للعناصر المختلفة، والتي لم يتحدد لها شكل بعد formless. فالحرارة المرتفعة لم تسمح بتكوين مركبات ولا بوجود المادة في الصورة الصلبة ولا السائلة.. بل كانت على هيئة أبخرة (بخار حديد - بخار نحاس.. إلخ). لذا لم يكن لها شكل محدد؛ مثل السحب.. ومع الوقت وبدورانها حول الأصل الذي أُخِذَت منه (السديم أو النجم مثلاً) متأثرة بقوتي الجاذبية والطرد المركزي، بالإضافة إلى دورانها حول نفسها.. كل هذا أدى في النهاية إلى اكتمال شكلها الحالي القريب من الشكل الكروي.

* "وعلى وجه الغمر ظلمة"
يا لها من لآلئ ثمينة في الكتاب المقدس، فلم يفطن الإنسان لمعنى هذا الكلام الغريب إلا مع تقدم العلم.. فكلمة "غمر" توضح أن الأرض كانت مغمورة بسبب أن درجة حرارتها وقت أن انفصلت عن مصدرها النجمي كانت حوالي 6000 درجة، وهي كدرجة حرارة سطح الشمس حالياً.. وفي هذه الدرجة تكون العناصر حرة ولا يوجد بها مركبات كيميائية.

ومع انخفاض درجة حرارة الإرض تدريجياً، بدأ الإتحاد بين العناصر لتكوين المركبات.. فعندما وصلت درجة الحرارة إلى 400 درجة، تم اتحاد الأكسوجين مع الهيدروجين مكوناً جزئي الماء من ذرتين هيدروجين وذرة اكسجين. وبتكوين الماء بدأ يتجمع على سطح الأرض، ولكنه لا يلبث ويتبخر مرة أخرى إلى مسافات قد تصل إلى بضعه أميال نتيجة لإرتفاع درجة الحرارة.. ومع تلامس الأبخرة بالفضاء يتكاثف البخار ويعود إلى سطح الأرض على هيئة مياه لتغطي هذه المياه سطح الأرض (الغمر)، وتعود المياه فتتبخر مرة أخرى بتأثير الحرارة، ثم تتكاثف.. وهكذا تتكرر العملية مما يسبب الآتي:

1- غمر الأرض بالمياه مما أدى إلى تسميتها "غمراً".
2- المشاركة في جعل الأرض مظلة، والتي يرجع ظلامها في ذلك الوقت إلى عاملين:

العامل الأول: هو ذلك السُمك الهائل من الأبخرة التي تحيطا بالأرض فتفصلها عن الضوء الخارجي.. ويحدث هذا حالياً أحياناً مثلما نراه في حالات "الشبورة"؛ حيث أن جزيئات بخار الماء تعمل على إنكسار آشعة الضوء مما لا يسمح للضوء أن يصل إلا لمسافات قصيرة. ويمكن ملاحظته كذلك عندما تمر سحابة أسفل الشمس فتحجب عنا الضوء، وهذا ما كان يحدث بالفعل في بداية تكوين الأرض، ولكن بصورة أكبر نتيجة لذلك السمك الهائل من الابخرة.

العامل الثاني: يرتبط بمصدر الضوء نفسه (الشمس في مراحل تكوينها الأولى) والتي لم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها بعد..

ومن هنا كانت عبارة سفر التكوين "وكانت الأرض خربه وخاليه وعلى وجة الغمر ظلمه"، والتي قد عبر عنها ارميا النبي بقوله: "ونظرت إلى الأرض وإذا هي خربة وخالية، وإلى السموات فلا نور لها" (إر23: 4) مما يعطي إحساساً بالروح الواحد الذي يحرك كاتبي الكتاب المقدس ألا وهو روح الله القدوس.



أيام الخليقة الستة

اليوم الأول -3: النور والحرارة

* النور دعامة الحياة:
"وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك3: 1). ولإكمال ترتيبات الله للخلق كان لابد له قبل أن يخلق الكائنات الحية أن يهيئ لها ما يعطيها الحياة؛ إذ أنه لابد من النور قبل الحياة من أجل إستمرارية الحياه. فكان لابد للضوء الذي يمثل مصدراً للطاقة المتنوعة..

أولا: الطاقة الحرارية:
* تلك الطاقة التي تبخر المياه وتحركها من موضع لآخر، من موضع مُغطى بالمياه (كالبحار) لتنتقل على هيئة سحب إلى مواضع بلا ماء فتُمطِرها بمائها.

* تلك الطاقة التي تبعث الدفء الضروري للحفاظ على الحياة.

* تلك الطاقه المبخرة لمياه النتح من على سطح النباتات، فتتحرك العصارة الحاملة للحياة من التربة إلى الجذور فالساق ثم الأوراق فالثمار، لتحل محل المياه التي تبخرت، تاركة العصارة المركزة، لتستفيد منها كل أجزاء النبات، بل وتتبخر المياه على سطح النبات ملطفة له حافظة حياته من الجفاف.

ثانياً: الطاقة الضوئية:
التي تعمل وحدها على استمراية الحياة من خلال تأثيرها الفعال في عملية التمثيل الضوئي (الكلوروفيللي) Chlorophyll في النبات، والتي بها يتكون الأكسوجين الذي نستنشقه، فلو لم يكن الضوء لإنتهى الاكسجين في الجو متحولاً إلى المركبات الكربونية المختلفة وبخار الماء، وبالتالي لانتهت الحياة التي تعتمد أساساً على الإكسجين.

ولكن العجيب أن نرى الفلاسفة ينادون، والعلماء ويعلمون أن مصدر الضوء هو الشمس.. ولكن، كيف يتحدث موسي النبى عن الضوء في اليوم الأول؟! في حين أنه لم يخطئ، ولم يتأثر بعلوم عصره أو علوم المصريين؟!

وبعد مرور قرون عديدة يتقدم العلم، ويتأكد صدق كلام موسي النبى، فيتأكد لما وجود الوحى الالهى وراء ما كتبه.. بالدراسة المتأنية نرى أن نور اليوم الاول يرجع إلى نور الشمس التي لم تكن قد اكتمل نموها، ولم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها الخالية، حيث كانت سديماً مبعثراً ضعيف الضوء. بالإضافة للضوء القادم من النجوم والسدم الأخرى المنتشرة في الفضاء.

والنور في أليوم الآول كان باهتاً ضعيفاً، إلا أنه كان كافياً لحياة الكائنات الأولية التي خلقها الله بعدئذ، وكان كافياً لتجديد القليل من الأكسجين الذي تستنفذه تلك الكائنات في التنفس.

حقاً لو كان موسى من نفسه يكتب محكماً عقله معتمداً على علمه، متعلماً من فلاسفة عصره، لأخطأ الترتيب، وكان قد تحدث عن نجم الشمس قبل حديثه عن ضوء اليوم الإول.

وفي قول موسى النبي: "وقال الله ليكن نور"، لم يقل خلق الله أو عمل الله، بل "ليكن نور"، فلم يكن كلام الله متعلقاً بمصدر النور، بل بما يحجب النور الموجود بالفعل على الأرض، وكأنه يصدر أمراً بأن تبرد الأرض ليتكثف البخار فيدخل النور إلى الأرض.

* الليل والنهار:
وفصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً".
هنا يتحدث الكتاب المقدس عن تعاقب النور والظلمة – النهار والليل، ولكن كيف يحدث هذا والشمس لم توجد بعد؟! فهل أخطأ موسى؟! بالطبع لا.. فالعلم يوضح صحة كلام موسى النبي، عندما كشف أن تعاقب النور والظلمة مرتبط بأمرين:

الأمر الأول: دروان الأرض حول نفسها. وهذه الظاهرة وجدت مع وجود الارض من البداية.

الأمر الثاني: مركز الجاذبية الذي تدور حوله الأرض والذي تدور أمامه حول نفسها. وحيث أن هذا المركز لم يتغير ككيان، وإن كان قد تغير كهيئة وكشكل، فهو يتغير كلياً، ولكن تغير جزئياً، بوصوله إلى الشكل والحجم والقوة التي وصل إليها في اليوم الرابع كشمس.

من هذا نرى أن تعاقب الليل والنهار كان طبيعياً منذ اليوم الأول، وكل ما تغير فقط هو قوة الإضاءة أثناء النهار، لتغير مصدر الضوء وقدرته وقوته.

* ختام اليوم الأول: "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً".
ويختتم موسى النبي حديثه عن اليوم الأول بتلك العبارة البسيطة القوية، التي تتوافق أيضاً مع العلم تماماً.

فتحدث أولاً عن المساء، لأن الظلمة كانت أولاً بسبب الأبخرة التي كانت تعلو الأرض، وتحجب عنها الضوء الخارجي، وبانقشاعها كان للنور أن يدخل إلى الأرض.


أيام الخليقة الستة


اليوم الثاني: الجَلَدْ (الغلاف الجوي)


"وقال الله: ليكن جَلَدْ في وسط السماء، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه" (تك6: 1).
بعد حديث موسي النبى عن الضوء، يتوقع الكثيرون أن الخطوة التالية هي خلق الكائنات الحية، ولكن موسى النبي خرج عن هذا التفكير، فكتب بوحي من الله كما لو كان من أعظم العلماء، ويضع خطوة أخرى قبل خلق الكائنات، وهي تكوين الغلاف الجوي.

فكيف للكائنات أن تعيش دون ذلك الدرع الواقي الذي يصد عنها الأشعة الكونية المميتة التي تأتينا من خارج.. فنحن الآن نعيش في قلق من ثقب بسيط في طبقة من طبقات الغلاف الجوى وهي طبقة الأوزون Ozone، فكم وكم لو لم يكن الغلاف الجوي كله موجوداً؟! وهناك فوائد جمة للغلاف الجوي التي يستحيل بدونها الحياة..

* ومن الجدير بالذكر أن نذكر تصحيح معلومة أن الأوزون هو الذي أدى إلى رفع درجة الحرارة.. فنسبة ثاني أكسيد الكربون عندما تزيد، ترتفع الحرارة.. تؤدي إلى ظاهرة الصوبة أو الGreen House Effect. فالأوزون يمنع الآشعة فوق البنفسجية من الدخول للأرض.. فهو يؤثر على الشبكية ويؤدي للعمى، وكذلك سرطان الجلد cancer، ويؤثر على توزيع النباتات..

فكيف لك أيها العظيم في الأنبياء موسى النبي أن تدرك هذه المعرفة، وهي لم تكن موجودة على الإطلاق في عصرك؟!

ومن هنا ندرك التوافق العجيب بين العلم الحديث وبين الكتاب المقدس، قديم الأيام، والمتجدد يومياً، والذي يتناسب مع كل عصر، والذي يؤكد كل حين بكل وسيلة أنه كتاب الله.

بل والمتأمل في العبارة السابقة "ليكن جلد firmament فى وسط المياة، وليكن فاصلا بين مياة ومياة"، يرى دقة التعبير العلمي، فالجَلَد (أي الطبقة الأولى من السماء، وما نسميها سماء الغازات والطيور) والتي هي عبارة عن بخار مياه يتصاعد ويتجمع عند مستوى معين من الجلد محكوماً بعدة عوامل، منها الجاذبية الأرضية، كثافة الهواء، كثافه بخار الماء، كمية البخار المتجمعة، ودرجة حرارة الجو.. أما المياه التي تحت الجلد، فهي المياه التي كانت تغمر الأرض في ذلك الوقت.

ووجود المياه التي فوق الجلد (السحب) يؤكد لنا حقيقة علمية سابقة مرت علينا، وهي أن الطاقة الحرارية في نهاية اليوم الأول، والآتية من السديم كانت كافية لعملية البخر، بما يسمح بتكوين السحب.

فلنسبح الله.. فمواصفات الغلاف الجوي تساعد على حمل الموجات الكهرومغناطيسية مثل آشعة الراديو والتليفزيون والموبايل وغيره.. فبدون هذه المواصفات الدقيقة للغلاف الجوي، ووزنه الذري الدقيق، قد لا يستطيع على حمل هذه الموجات.. ولن يكون هناك أي من تكنولوجيا الاتصالات الحديثة هذه.. إلخ.


أيام الخليقة الستة


اليوم الثالث -1: البحار
أولاً: مجتمع البحار
"وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء في مكان واحد، ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحاراً" (تك10،9: 1).
لقد كانت المياه كما سبق أن علمنا تغطي كل الأرض، مما جعل تسميتها (غمراً) أي الأرض المغمورة بالمياه.
ولكن كيف تكون الحياة على الأرض مغمورة بالمياه؟! كيف يعيش الحيوان؟ وينمو النبات..؟! كيف تكونت الحياة والأرض التي نراها الآن مع وجود هذه المياه؟

لكي نفهم ما حدث، نحتاج إلى إلقاء الضوء على الأمثلة التالية:
1- ماذا يحدث عندما تفقد الأرض الزراعية جزءاً كبيراً من مياهها بالتبخير؟ أي ماذا يحدث للأرض الزراعية عندما تفقد جزءا كبيرا من حجمها؟ هل تنقص مساحة الفدان لنقصان حجم الأرض؟! بالطبع لا.

إن ما يحدث هو تشقق الأرض الزراعية، ليحل الهواء محل الماء. ولكن تبقى المساحة ثابتة رغم نقصانها.

2- ماذا يحدث لو تركنا بعض ثمار الفاكهة أو الخضراوات معرضة للهواء أو الشمس؟ ماذا لو تم وزن الثمار بعد عدة أيام بالميزان؟ إن ما يحدث هو أننا نجد أن وزنها قد نقص، وبالتالي نلاحظ أن حجمها قد نقص وصغر. ولكن مساحة سطحها لا تتغير. مما يجعل شكلها الخارجي يتغير نسبياً للمحافظة على مساحة السطح، على الرغم من تغير الحجم وهذا الشكل الجديد، نقول عنه أن الثمار قد ذبلت، أي أصبح سطحها خشناً متعرجاً.

3- ماذا يحدث لو تركنا لوحاً خشبياً حديث القطع من شجرة معرضاً لأشعة الشمس لفترة طويلة؟ إن ما يحدث هو أحد أمرين أو كلاهما: إما أن يشتقق اللوح (مثل الأرض الزراعية)، أو ينحني سطحه ويصبح مقعراً تجاه الشمس.

4- يظهر نفس الحال عندما يتبع شخصاً نظاماً غذائياً قاسياً، مما يتسبب في وجود بعض التجاعيد والهالات السوداء حول العين.. وما هذه الهالات إلا تجاعيد صغيرة جداً في الجلد المحيط بالعين.. فتحدث التجاعيد بدون أن ينكمش حجم الجلد.

إن ما حدث للأرض إنما هو أنها انكمشت بشدة بالتبريد مع الوقت، مما قلل من حجمها، في حين أن مساحة سطحها لا تتغير. وقد أدى ذلك إلى ظهور التجاعيد ولكن على نطاق واسع. وهذه التجاعيد بالنسبة لأرض، هي مجموعة من الظواهر الطبيعية والجيولوجية. ومن أمثلتها:

1- الفوالق faults: ومثال ذلك ما يمثله البحر الأحمر حالياً، فهو مجموعة من الفوالق المركبة.

2- الطيات folds: وهي عبارة عن تجاعيد وانحناءات في الطبقات الأرضية..

وقد أدى ظهور هذه الفوالق والطيات إلى ظهور مرتفعات تمثل اليابسة، ومناطق منخفضة اندفعت إليها المياه لتكوين البحار. وقد أدت هذه الطيات وتلك الفوالق ليس فقط إلى ظهور اليابسة إلى أعلى، بل كشفت أيضاً الطبقات الصخرية وما تحويه من معادن وحجارة ثمينة أمام نظر الإنسان. ليبدأ في عملية استغلالها.

هذا وقد تغيرت المعالم الأولى لهذه الطيات والفوالق، نتيجة لعوامل التعرية والترسيبات المختلفة. وتوضح الرسومات كيف تكونت المرتفعات والمنخفضات سواء بالطيات أو الفوالق.

ثانياً: تأكيدات تاريخية علمية:
لقد ظلت معرفة البحار والمحيطات، ومدى ارتباطها ببعضها البعض معرفة قاصرة محدودة، حتى تمكن كريستوفر كولمبوس Christopher Columbus سنة 1492 من الوصول إلى الأمريكتين. وبعدها فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan من الإبحار حول الأرض. ومن بعدها الطائرات وسفن الفضاء، لتؤكد صحة الحقيقة المذكورة في الكتاب المقدس: "لتجتمع المياه التي تحت السماء إلى مكان واحد". وهذا ما كتبه موسى النبي الذي لم ير في حياته أكثر من البحر الأحمر والبحر المتوسط، الذين كانا منفصلين في ذلك الوقت (لأن قناة السويس لم تكن موجودة حينئذ).

وحتى البحيرات الداخلية وإن كانت معزولة ظاهرياً، إلا أنها متصلة خفية عن طريق المياه التحت سطحية والجوفية.

حقاً، لم يكن موسي إلا قلماً يكتب به الله، ولساناً يتحدث من خلاله الله، وفكراً يفكر بما أوحى له الله من قبل.


 

أيام الخليقة الستة


اليوم الثالث -2: النباتات


ظهور النباتات:
"وقال الله لتنبت الأرض عشباً، وبقلاً يبزر بزراً، وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه، وبزره فيه على الأرض. وكان كذلك" (تك11: 1-13).

لقد خلق الله الأرض للإنسان، ولذا أخذ الله في إعداد هذه الارض. وأثناء إعدادها مرت بعدة مراحل:
1- إنفصالها عن الجسم المشتعل لتبدأ في البرودة تدريجياً.
2- ظهور اليابسة، وتجمع المياه إلى مكان واحد.
3- إنقشاع الأبخرة، حتى يتسنى للضوء –دعامة الحياة- بالدخول إليها.
4- وبعد ذلك كان للنباتات أن تظهر.

ولكن، لماذا النباتات في هذه المرحلة؟ هل لأنها تمثل الغذراء الرئيسي للإنسان والحيوان؟ في الحقيقة الأمر يرجع لعدة أسباب جوهرية:

* الطعام: فالنبات بالنسبة للإنسان يمثل الطعام الرئيسي، بل وبالنسبة للإنسان الأول فهو الطعام الوحيد، كما يتضح من الكتاب المقدس: "وقال الله أني أعطيكم كل بقل يبزر بزرا على وجه الأرض، وكل شجر فيه ثمر، شجر يبزر بزراً لكم يكون طعاماً" (تك29: 1). وأيضاً هو يمثل الطعام الأساسي للحيوان والطيور كما يعلن الكتاب المقدس: "ولكل حيوان الأرض، وكل طير السماء، ولكل دبابة على الأرض فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعاماً. وكان كذلك" (تك30: 1).

* تجديد الهواء: نحن نعلم أنه بعد استقرار الأرض ثبتت نسبة الأكسجين في الجو، ولكن ماذا يكون الوضع بعد خلق النباتات والحيوانات، التي تقوم عملية البناء والهدم فيها أساساً على الأكسجين Oxygen؛ حيث يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وأحياناً إلى أول اكسيد كربون؟ فكيف تستمر الحياة مع استنزاف الاكسجين من الجو؟!

كان لابد من معمل كبير لإنتاج الأكسوجين للمحافظة على نسبته في الجو وللحفاظ على استمرارية الحياة. ولكن الله لم يخلق معملاً واحداً، بل ما لا يحصى من المعامل في كل نبات أخضر.. فخلق معملا متكاملاً في كل خلية حية خضراء صغيرة مهما صغر حجمها. وهذا المعمل رغم صغره قادر على إنتاج الاكسوجين، وذلك عن طريق عملية التمثيل الكلوروفيللي بواسطة الضوء والمادة النباتية الخضراء (الكلوروفيل) Chlorophyll.

ومن هنا نرى قوة الآية التي قيلت في المزمور: "المُنبِت عشباً للبهائم، وخضرة لخدمة الإنسان" (مز14: 104). فعبارة "خضره" هنا تعني عملية التمثيل الكلوروفيللى. ويتضح ذلك لسببين:

1- ذكرت عبارة خضرة وليس عشب أو نبات. إذا فهو يتحدث عن اللون الأخضر.

2- ذكر كلمة "خضرة" ولم يذكر عبارة "طعاماً" لأن الإنسان لم يكن مصرحاً له في البداية أن يأكل من عشب الأرض في الماضي. فقبل سقوط آدم كان يأكل "بقولاً وثمار الأرض" فقط، ولكن ابتدأ يأكل العشب كإحدى العقوبات بعد الخطية.


أيام الخليقة الستة


اليوم الرابع -1: الشمس والقمر


"وقال الله: لتكن أنوار في جَلَدْ السماء، لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين. فعمل الله النورين العظيمين؛ النور الأكبر لحكم النهار، والنور الأصغر لحكم الليل" (تك14: 1-16).

فبعد أن هيأ الله الأرض للحياة، وبعد أن أنبتت النباتات لإستمرارية حياة الكائنات الأخرى، وقبل أن يتدرج اللة في عمل الخلق، وجد بحكمته الإلهية أن الارض تحتاج لمزيد من الطاقة الضوئية والحرارية، بما يتناسب مع احتياجات الإنسان وباقي الكائنات الحيوانية. فعمل النورين العظيمين: الشمس والقمر.

* ولكن، ما هو الفرق بين ضوء اليوم الأول وضوء اليوم الرابع؟! ولماذا كان الحديث عن الشمس والقمر دون باقي مكونات السماء من نجوم وكواكب أخرى؟ وكيف كان هناك ليل ونهار قبل ذلك؟!

فلنضع أمامنا صلاة مواضع حسب التدرج الزمني لذكرها:
1- في البدء خلق الله السموات والأرض (تك1: 1).
2- وقال الله ليكن نور (تك3: 1).

3- فعمل الله النورين العظيمين (16: 1).
وبالمقارنة بين الثلاث عبارات نصل إلى إجابة السؤال الأول:
1- العبارة الأولى تقول: "خلق الله"، وعبارة خلق أي أوجد الشيء من لا شيء.. أوجد السموات من العدم، بكل ما تحتويه من مجرات ونجوم وكواكب وأجسام مضيئة ذاتياً، وأجسام تعكس ضوء أجسام أخرى..

2- العبارة الثانية تقول: "ليكن نور"، ففي هذه المرحلة لم يغير الله شيئاً من طبيعة مصادر الضوء، وبصفة خاصة الشمس. ولكن ما تم تغييره كان يخص الأرض نفسها، حيث كانت مُحاطة بكميات كبيرة من الأبخرة. وكل ما حدث أنه بسبب توالي برودة الأرض بالتدريج، تكاثفت الابخرة المخيطة بها، وغمرت الأرض كمياه، وبالتالي تمكن الضوء –سواء من السديم الذي أُخِذَت منه الشمس أو من غيره من مصادر الضوء المختلفة- من الدخول إلى الأرض.

3- العبارة الثالثة يكلمنا فيها الوحي الإلهى على لسان موسى النبي قائلاً: "فعمل الله النورين العظيمين"، ونلاحظ أنه لم يقل "خلق". ومن هذا نرى أن ما حدث إنما هو تغيير نسبي في طبيعة مصدر الضوء (الشمس)، فعبارة "عمل" لا تعني الخلق من العدم، ولكنها تعني أنه عمل شيئاً من شيء آخر.

كمثال أن نقول أن النجار قد عمل هذا الكرسي، ولا نقول أن النجار قد خلق هذا الكرسى!

وهذا ما عمله الله في أليوم الرابع، حيث وصلت الشمس إلى شكلها وقوتها وإمكانياتها الجديدة كما نراها الآن، والتي لم تكن متميزة بها قبل اليوم الرابع، ففي هذا اليوم وصلت إلى ذروة قوتها.. وهذا ما يؤكده العلماء في أن النجوم تمر بمراحل نمو، حتى تصل إلى الذروة. وبعدها تبدأ قوتها في النقصان التدريجي، حتى تصل إلى مرحلة النهاية، حيث الانفجار والفناء.

فالشمس لم تُخلَق في اليوم الرابع من العدم، وإنما تم تطور شكلها وحجمها وقوتها، بعد أن كانت سديماً ضعيفاً.

وماذا عن القمر؟ فالقمر كذلك موجوداً من البدء في عبارة "خلق الله السموات والارض" (تك1: 1)، ولكنه كجم معتم لا ينبعث منه ضوء.. لذا قيمته واستخدامه مرتبطاً بالشمس وعملها وقوتها..

مثال: عندما نضع مرآه في حجرة مظلمة، ثم ننير ضوء خافت جداً، ثم لو وضعناها أمام أشعة الشمس.. ففي الحالة الأولى لا نرى المرآة، وفي الثانية نراها ولكن كجسم معتم، وفي الأخيرة سنراها جسماً منيراً بسبب إنعكاس ضوء الشمس عليها.

وهذا ما حدث مع القمر، فالمرحلة الأولى مع المرآه تمثل القمر في النصف الأول من اليوم الأول. والمرحله الثانيه تمثل علاقة القمر بالأرض عندما كان مصدر الضوء ضعيفاً، وكان الضوء المنبعث من الشمس في حالة تكوينها ضعيف، فبالأولى كان ضوء القمر ضعيف جداً ولا يكفي للإنعكاس على الأرض.. وهذا يمثل ضوء النصف الثاني من اليوم الأول. وأخيراً، المرحلة الثالثة تمثل حالة القمر بعد اليوم الرابع، حيث صار السديم الضعيف شمساً قوية، أرسلت ضوءها الشديد الذي وصل إلى القمر، وانعكس عليه إلى الأرض، فظهر كجسم مضيء يعكس لما ضوء الشمس ليلاً.

إضغط هنا لمشاهدة صورة متحركة أكثر وضوحاً لمراحل إنعكاس الضوء على القمر (2.5 ميجا)

وكما أوضحنا سابقاً، فقد كان الحديث في هذا قاصراً على الشمس والقمر دون الكواكب الأخرى، بسبب أن هذا أكثر ما يهم الانسان في كل هذا الكون.. فالشمس هي أقرب نجم للأرض، ومرتبط بها بقوة الجاذبية، بل أكثر النجوم تأثيراً على الأرض من جهة الحرارة والضوء، حتى أن بقاء واستقرار واستمرارية الأرض إنما هو مرتبط بالشمس. ونفس الحال مع القمر، فهو أقرب جسم سماوي لنا، ومن خلال ضوء الشمس المنعكس عليه ينير الليل في وسط الظلام، وله علاقة وثيقة معنا من خلال الجاذبية المتبادلة التي تكون المد والجزر على شواطئ البحار..

أما عن تعاقب الليل والنهار كظاهرة طبيعية، فهي مرابطة بطبيعة العلاقة بين الأرض والكيان الذي تدور حول نفسها أمامه، سواء كان شمساً في اليوم الرابع، أو سديماً قبل ذلك.. ومن المؤكد أن الأرض منذ تكوينها، إنما تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة تقريباً أمام مصدر الضوء الذي أُخِذَت منه وارتبطت به برباط الجاذبية. وعلى هذا فتعاقب النهار والليل، إنما يرجع إلى اليوم الأول، والتغير الوحيد هو في درجة إضاءة الأرض نهارا متأثرة بقوة إضاءة المصدر. تلك القوة التي وصلت ذروتها في اليوم الرابع.


أيام الخليقة الستة


اليوم الرابع -2: الشمس والقمر



وأخيراً، فحول عبارة "وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين" (تك14: 1). فعبارة "أوقات وأيام وسنين" سهلة ومفهومة حيث السنة وأقسامها (اليوم)، واليوم وأقسامه (الأوقات)، وهي تشمل الصباح والظهيرة.. ولكن، ماذا عن كلمة "آيات"؟

كلمة آيات جمع آية أي معجزة. فيوجد العديد من الظواهر التي تترتب على العلاقة المختلفة بين الشمس والأرض، وأيضاً بين الأرض والقمر.. مثل الخسوف القمري والكسوف الشمسي.. إلخ. وهذه الظواهر الطبيعية تحكمها قوانين ونظم في غاية الدقة، لدرجة أنه من السهل التنبؤ بمثل هذه الظواهر لمئات السنين.. وأي خلل أو تغيير مفاجئ غير محسوب وغير متوقع، إنما نعتبره آية أو معجزة يصنعها الله لتمجيد اسمه القدوس.

والكتاب المقدس غني بالأمثلة التي تبرز هذه الآيات:
1- ما جاء في سفر الخروج عن ضربة الإظلام (خر10): "ثم قال الرب لموسى: مد يبدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر، حتى يُلمَس الظلام. فمدَّ موسي يده نحو السماء، فكان ظلام دامس في كل أرض مصر ثلاثة أيام. ولم يبصر أحد أخاه، ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام. ولكن جميع بني اسرائيل كان لهم نور في مساكنهم" (خر21: 10-23).

وهنا نلاحظ أنه لا يوجد أي تعليل علمي لما حدث، وكانت ظاهرة غريبة من حيث وسيلة الإظلام (رفع موسى يده)، ومدة الظلام (3 أيام)، ودرجة الظلمة (ظلام دامس thick darkness)، وتوزيع الظلمه (كله ظلام عدا داخل مساكن بني إسرائيل).

2- ما حدث أيام يشوع النبي (يش10): "قال (يشوع) أما عيون الشعب: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي إيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل بالغروب نحو يوم كامل" (يش13،12: 10).

والآية هنا تكمن لي في مجرد الظلمة لفترة معينة، بل أن الأرض توقفت عن حركتها الدورانية حول نفسها أمام الشمس لمدة يوم (اليوم الطويل – نهار طويل)! بل توقفت كذلك حركة القمر.. وما حدث كان بمجرد طلبة يشوع النبى..

3- ما حدث أيام حزقيا الملك (2مل20): "فدعا إشعياء النبي الرب، فارجع الظل بالدرجات التي نزل بها بدرجات آحاز عشر درجات إلى الوراء" (2مل11: 20؛ إش8: 38). فحركة الشمس الطبيعية هي من الشرق للغرب، وما حدث هو عكس الطبيعة، حيث تحركت الشمس ورجعت إلى الشرق!

4- الظلمة أثناء الصلب (مت45: 27): عندما حدثت ظلمة على الأرض من وقت الساعة السادسة حتى الساعه التاسعة. وهذا غير طبيعي، فكيف يكون هناك كسوف للشمس لمدة ثلاثة ساعات متواصلة؟! وكيف يسبب ويكون الكسوف مرئي في "كل الأرض"؟!

# أما عبارة: أوقات وأيام وسنين:
فبسبب الدقة المتناهية في علاقة الأرض بالشمس، ودوران الأرض حول الشمس، ودورانها حول نفسها، نشأ عن ذلك ظهور الأوقات. وكلمة "اوقات" قد تعني أوقات اليوم: سحر – صباح – ظهيرة – غروب – مساء. وقد تعني أوقات السنة، أي مواسمها وفصولها: الصيف – الخريف – الشتاء – الربيع.

وعن عبارة "ايام"، فبدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل 24 ساعة ينشأ اليوم بنهاره وليله. فالجزء المواجه للشمس يستنير ويصير نهاراً، والآخر البعيد عن الشمس يكون مظلماً فيكون ليلاً.

وعبارة "سنين"، فالأرض تدور حول الشمس دورة كاملة في ما يُسمى بالسنة. وهي حوالي 365.25 يوم، وبالتدقيق 365 يوم، و5 ساعات، و48 دقيقة، و46 ثانية. وبتعاقب الدوران تتكون الأعوام.

وبهذا كانت الأنوار في جلد الماء، لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين.


أيام الخليقة الستة


اليوم الخامس -1: الحيوانات البدائية والديناصورات



"وقال الله: لِتَفِض المياه زحّافات ذات نفس حية، وليطر فوق الأرض على وجه جلد السماء. فخلق الله التنانين العظام، وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة، التي فاضت بها المياه كأجناها، وكل طير ذي جناح كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن، وباركها الله قائلاً: أثمري، وأكثري، واملأي المياه في البحار، وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً" (تك20: 1-27).

بعد أن خلق الله النباتات التي يعتمد عليها الحيوان في غذائه، والتي تعمل أيضاً على تنقية الهواء بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الأكسجين، مما يعطي للإنسان والحيوان إستمرارية الحياة دون توقف. عندئذ وفي تسلسل متفق مع العلم تماماً، يذكر الكتاب المقدس أن الله خلق الزواحف، ومن بعدها الطيور. وسنجد أن عبارة "لتفض المياه زحافات" عبارة بسيطة ولكنها قوية، حيث تتفق مع العلم في أن الكائنات الحيوانية في تدرج وجودها. وبعد أن وجدت في المياه كأسماك، عندئذ ظهرت على الأرض كحيوانات زاحفة بالقرب من المياه، حيث الحيوانات البرمائية والزواحف المختلفة..

أما عبارة "فخلق الله التنانين العظام" فلقد كانت هذه العبارة ولأجيال طويلة مصدر تشكيك في صحة الكتاب المقدس، وهذا التشكيك يرجع إلى عدم وجودها حيث أن الإنسان لم يجدها، ولم يعد يراها. فصارت لغزاً كبيراً بالنسبة له.

وظل الأمر كذلك حتى سنة 1677 عندما كُشِفَت قطعة عظام ضخمة عُرِفَت وقتها لأنها لأحد الديناصورات "الميجالوسورس" Megalosaurus، وهو من آكلة اللحوم. وبمرور الوقت تم اكتشاف بقايا كاملة لذلك الحيوان الضخم في سنة 1818 على يد بعض العمال بالقرب من وود سنوك – أكسن. وقد تم وضعه فيما بعد في متحف أكسفورد. وهو نوع من الأنواع ثنائية الأقدام، وقد تم وصف هذا النوع من الديناصورات Megalosaurus Buckland وصفاً علمياً دقيقاً سنة 1842. وقد أخذ اسم مكتشفه وليام باكلاند William Buckland.

لن نستطيع أن نترك جزء الديناصورات وانقراضها يعبر ببساطة.. فهناك حكمة لخلقها وفنائها.. ومن العجيب أن نلاحظ أن تلك الكائنات "باركها الله" لتثمر وتتوالد كما ذكر الكتاب..! فكيف يتم مباركتها، وانقراضها قبل مجئ الإنسان؟!


أيام الخليقة الستة


اليوم الأول -3: النور والحرارة



* النور دعامة الحياة:
"وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك3: 1). ولإكمال ترتيبات الله للخلق كان لابد له قبل أن يخلق الكائنات الحية أن يهيئ لها ما يعطيها الحياة؛ إذ أنه لابد من النور قبل الحياة من أجل إستمرارية الحياه. فكان لابد للضوء الذي يمثل مصدراً للطاقة المتنوعة..

أولا: الطاقة الحرارية:
* تلك الطاقة التي تبخر المياه وتحركها من موضع لآخر، من موضع مُغطى بالمياه (كالبحار) لتنتقل على هيئة سحب إلى مواضع بلا ماء فتُمطِرها بمائها.

* تلك الطاقة التي تبعث الدفء الضروري للحفاظ على الحياة.

* تلك الطاقه المبخرة لمياه النتح من على سطح النباتات، فتتحرك العصارة الحاملة للحياة من التربة إلى الجذور فالساق ثم الأوراق فالثمار، لتحل محل المياه التي تبخرت، تاركة العصارة المركزة، لتستفيد منها كل أجزاء النبات، بل وتتبخر المياه على سطح النبات ملطفة له حافظة حياته من الجفاف.

ثانياً: الطاقة الضوئية:
التي تعمل وحدها على استمراية الحياة من خلال تأثيرها الفعال في عملية التمثيل الضوئي (الكلوروفيللي) Chlorophyll في النبات، والتي بها يتكون الأكسوجين الذي نستنشقه، فلو لم يكن الضوء لإنتهى الاكسجين في الجو متحولاً إلى المركبات الكربونية المختلفة وبخار الماء، وبالتالي لانتهت الحياة التي تعتمد أساساً على الإكسجين.

ولكن العجيب أن نرى الفلاسفة ينادون، والعلماء ويعلمون أن مصدر الضوء هو الشمس.. ولكن، كيف يتحدث موسي النبى عن الضوء في اليوم الأول؟! في حين أنه لم يخطئ، ولم يتأثر بعلوم عصره أو علوم المصريين؟!

وبعد مرور قرون عديدة يتقدم العلم، ويتأكد صدق كلام موسي النبى، فيتأكد لما وجود الوحى الالهى وراء ما كتبه.. بالدراسة المتأنية نرى أن نور اليوم الاول يرجع إلى نور الشمس التي لم تكن قد اكتمل نموها، ولم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها الخالية، حيث كانت سديماً مبعثراً ضعيف الضوء. بالإضافة للضوء القادم من النجوم والسدم الأخرى المنتشرة في الفضاء.

والنور في أليوم الآول كان باهتاً ضعيفاً، إلا أنه كان كافياً لحياة الكائنات الأولية التي خلقها الله بعدئذ، وكان كافياً لتجديد القليل من الأكسجين الذي تستنفذه تلك الكائنات في التنفس.

حقاً لو كان موسى من نفسه يكتب محكماً عقله معتمداً على علمه، متعلماً من فلاسفة عصره، لأخطأ الترتيب، وكان قد تحدث عن نجم الشمس قبل حديثه عن ضوء اليوم الإول.

وفي قول موسى النبي: "وقال الله ليكن نور"، لم يقل خلق الله أو عمل الله، بل "ليكن نور"، فلم يكن كلام الله متعلقاً بمصدر النور، بل بما يحجب النور الموجود بالفعل على الأرض، وكأنه يصدر أمراً بأن تبرد الأرض ليتكثف البخار فيدخل النور إلى الأرض.

* الليل والنهار:
وفصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً".
هنا يتحدث الكتاب المقدس عن تعاقب النور والظلمة – النهار والليل، ولكن كيف يحدث هذا والشمس لم توجد بعد؟! فهل أخطأ موسى؟! بالطبع لا.. فالعلم يوضح صحة كلام موسى النبي، عندما كشف أن تعاقب النور والظلمة مرتبط بأمرين:

الأمر الأول: دروان الأرض حول نفسها. وهذه الظاهرة وجدت مع وجود الارض من البداية.

الأمر الثاني: مركز الجاذبية الذي تدور حوله الأرض والذي تدور أمامه حول نفسها. وحيث أن هذا المركز لم يتغير ككيان، وإن كان قد تغير كهيئة وكشكل، فهو يتغير كلياً، ولكن تغير جزئياً، بوصوله إلى الشكل والحجم والقوة التي وصل إليها في اليوم الرابع كشمس.

من هذا نرى أن تعاقب الليل والنهار كان طبيعياً منذ اليوم الأول، وكل ما تغير فقط هو قوة الإضاءة أثناء النهار، لتغير مصدر الضوء وقدرته وقوته.

* ختام اليوم الأول: "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً".
ويختتم موسى النبي حديثه عن اليوم الأول بتلك العبارة البسيطة القوية، التي تتوافق أيضاً مع العلم تماماً.

فتحدث أولاً عن المساء، لأن الظلمة كانت أولاً بسبب الأبخرة التي كانت تعلو الأرض، وتحجب عنها الضوء الخارجي، وبانقشاعها كان للنور أن يدخل إلى الأرض.


أيام الخليقة الستة


اليوم الثاني: الجَلَدْ (الغلاف الجوي)



"وقال الله: ليكن جَلَدْ في وسط السماء، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه" (تك6: 1).
بعد حديث موسي النبى عن الضوء، يتوقع الكثيرون أن الخطوة التالية هي خلق الكائنات الحية، ولكن موسى النبي خرج عن هذا التفكير، فكتب بوحي من الله كما لو كان من أعظم العلماء، ويضع خطوة أخرى قبل خلق الكائنات، وهي تكوين الغلاف الجوي.

فكيف للكائنات أن تعيش دون ذلك الدرع الواقي الذي يصد عنها الأشعة الكونية المميتة التي تأتينا من خارج.. فنحن الآن نعيش في قلق من ثقب بسيط في طبقة من طبقات الغلاف الجوى وهي طبقة الأوزون Ozone، فكم وكم لو لم يكن الغلاف الجوي كله موجوداً؟! وهناك فوائد جمة للغلاف الجوي التي يستحيل بدونها الحياة..

* ومن الجدير بالذكر أن نذكر تصحيح معلومة أن الأوزون هو الذي أدى إلى رفع درجة الحرارة.. فنسبة ثاني أكسيد الكربون عندما تزيد، ترتفع الحرارة.. تؤدي إلى ظاهرة الصوبة أو الGreen House Effect. فالأوزون يمنع الآشعة فوق البنفسجية من الدخول للأرض.. فهو يؤثر على الشبكية ويؤدي للعمى، وكذلك سرطان الجلد cancer، ويؤثر على توزيع النباتات..

فكيف لك أيها العظيم في الأنبياء موسى النبي أن تدرك هذه المعرفة، وهي لم تكن موجودة على الإطلاق في عصرك؟!

ومن هنا ندرك التوافق العجيب بين العلم الحديث وبين الكتاب المقدس، قديم الأيام، والمتجدد يومياً، والذي يتناسب مع كل عصر، والذي يؤكد كل حين بكل وسيلة أنه كتاب الله.

بل والمتأمل في العبارة السابقة "ليكن جلد firmament فى وسط المياة، وليكن فاصلا بين مياة ومياة"، يرى دقة التعبير العلمي، فالجَلَد (أي الطبقة الأولى من السماء، وما نسميها سماء الغازات والطيور) والتي هي عبارة عن بخار مياه يتصاعد ويتجمع عند مستوى معين من الجلد محكوماً بعدة عوامل، منها الجاذبية الأرضية، كثافة الهواء، كثافه بخار الماء، كمية البخار المتجمعة، ودرجة حرارة الجو.. أما المياه التي تحت الجلد، فهي المياه التي كانت تغمر الأرض في ذلك الوقت.

ووجود المياه التي فوق الجلد (السحب) يؤكد لنا حقيقة علمية سابقة مرت علينا، وهي أن الطاقة الحرارية في نهاية اليوم الأول، والآتية من السديم كانت كافية لعملية البخر، بما يسمح بتكوين السحب.

فلنسبح الله.. فمواصفات الغلاف الجوي تساعد على حمل الموجات الكهرومغناطيسية مثل آشعة الراديو والتليفزيون والموبايل وغيره.. فبدون هذه المواصفات الدقيقة للغلاف الجوي، ووزنه الذري الدقيق، قد لا يستطيع على حمل هذه الموجات.. ولن يكون هناك أي من تكنولوجيا الاتصالات الحديثة هذه.. إلخ.


أيام الخليقة الستة
اليوم الثالث -1: البحار
أولاً: مجتمع البحار
"وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء في مكان واحد، ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحاراً" (تك10،9: 1).
لقد كانت المياه كما سبق أن علمنا تغطي كل الأرض، مما جعل تسميتها (غمراً) أي الأرض المغمورة بالمياه.
ولكن كيف تكون الحياة على الأرض مغمورة بالمياه؟! كيف يعيش الحيوان؟ وينمو النبات..؟! كيف تكونت الحياة والأرض التي نراها الآن مع وجود هذه المياه؟

لكي نفهم ما حدث، نحتاج إلى إلقاء الضوء على الأمثلة التالية:
1- ماذا يحدث عندما تفقد الأرض الزراعية جزءاً كبيراً من مياهها بالتبخير؟ أي ماذا يحدث للأرض الزراعية عندما تفقد جزءا كبيرا من حجمها؟ هل تنقص مساحة الفدان لنقصان حجم الأرض؟! بالطبع لا.

إن ما يحدث هو تشقق الأرض الزراعية، ليحل الهواء محل الماء. ولكن تبقى المساحة ثابتة رغم نقصانها.

2- ماذا يحدث لو تركنا بعض ثمار الفاكهة أو الخضراوات معرضة للهواء أو الشمس؟ ماذا لو تم وزن الثمار بعد عدة أيام بالميزان؟ إن ما يحدث هو أننا نجد أن وزنها قد نقص، وبالتالي نلاحظ أن حجمها قد نقص وصغر. ولكن مساحة سطحها لا تتغير. مما يجعل شكلها الخارجي يتغير نسبياً للمحافظة على مساحة السطح، على الرغم من تغير الحجم وهذا الشكل الجديد، نقول عنه أن الثمار قد ذبلت، أي أصبح سطحها خشناً متعرجاً.

3- ماذا يحدث لو تركنا لوحاً خشبياً حديث القطع من شجرة معرضاً لأشعة الشمس لفترة طويلة؟ إن ما يحدث هو أحد أمرين أو كلاهما: إما أن يشتقق اللوح (مثل الأرض الزراعية)، أو ينحني سطحه ويصبح مقعراً تجاه الشمس.

4- يظهر نفس الحال عندما يتبع شخصاً نظاماً غذائياً قاسياً، مما يتسبب في وجود بعض التجاعيد والهالات السوداء حول العين.. وما هذه الهالات إلا تجاعيد صغيرة جداً في الجلد المحيط بالعين.. فتحدث التجاعيد بدون أن ينكمش حجم الجلد.

إن ما حدث للأرض إنما هو أنها انكمشت بشدة بالتبريد مع الوقت، مما قلل من حجمها، في حين أن مساحة سطحها لا تتغير. وقد أدى ذلك إلى ظهور التجاعيد ولكن على نطاق واسع. وهذه التجاعيد بالنسبة لأرض، هي مجموعة من الظواهر الطبيعية والجيولوجية. ومن أمثلتها:

1- الفوالق faults: ومثال ذلك ما يمثله البحر الأحمر حالياً، فهو مجموعة من الفوالق المركبة.

2- الطيات folds: وهي عبارة عن تجاعيد وانحناءات في الطبقات الأرضية..

وقد أدى ظهور هذه الفوالق والطيات إلى ظهور مرتفعات تمثل اليابسة، ومناطق منخفضة اندفعت إليها المياه لتكوين البحار. وقد أدت هذه الطيات وتلك الفوالق ليس فقط إلى ظهور اليابسة إلى أعلى، بل كشفت أيضاً الطبقات الصخرية وما تحويه من معادن وحجارة ثمينة أمام نظر الإنسان. ليبدأ في عملية استغلالها.

هذا وقد تغيرت المعالم الأولى لهذه الطيات والفوالق، نتيجة لعوامل التعرية والترسيبات المختلفة. وتوضح الرسومات كيف تكونت المرتفعات والمنخفضات سواء بالطيات أو الفوالق.

ثانياً: تأكيدات تاريخية علمية:
لقد ظلت معرفة البحار والمحيطات، ومدى ارتباطها ببعضها البعض معرفة قاصرة محدودة، حتى تمكن كريستوفر كولمبوس Christopher Columbus سنة 1492 من الوصول إلى الأمريكتين. وبعدها فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan من الإبحار حول الأرض. ومن بعدها الطائرات وسفن الفضاء، لتؤكد صحة الحقيقة المذكورة في الكتاب المقدس: "لتجتمع المياه التي تحت السماء إلى مكان واحد". وهذا ما كتبه موسى النبي الذي لم ير في حياته أكثر من البحر الأحمر والبحر المتوسط، الذين كانا منفصلين في ذلك الوقت (لأن قناة السويس لم تكن موجودة حينئذ).

وحتى البحيرات الداخلية وإن كانت معزولة ظاهرياً، إلا أنها متصلة خفية عن طريق المياه التحت سطحية والجوفية.

حقاً، لم يكن موسي إلا قلماً يكتب به الله، ولساناً يتحدث من خلاله الله، وفكراً يفكر بما أوحى له الله من قبل.




أيام الخليقة الستة
اليوم الثالث -2: النباتات


ظهور النباتات:
"وقال الله لتنبت الأرض عشباً، وبقلاً يبزر بزراً، وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه، وبزره فيه على الأرض. وكان كذلك" (تك11: 1-13).


لقد خلق الله الأرض للإنسان، ولذا أخذ الله في إعداد هذه الارض. وأثناء إعدادها مرت بعدة مراحل:
1- إنفصالها عن الجسم المشتعل لتبدأ في البرودة تدريجياً.
2- ظهور اليابسة، وتجمع المياه إلى مكان واحد.
3- إنقشاع الأبخرة، حتى يتسنى للضوء –دعامة الحياة- بالدخول إليها.
4- وبعد ذلك كان للنباتات أن تظهر.


ولكن، لماذا النباتات في هذه المرحلة؟ هل لأنها تمثل الغذراء الرئيسي للإنسان والحيوان؟ في الحقيقة الأمر يرجع لعدة أسباب جوهرية:


* الطعام: فالنبات بالنسبة للإنسان يمثل الطعام الرئيسي، بل وبالنسبة للإنسان الأول فهو الطعام الوحيد، كما يتضح من الكتاب المقدس: "وقال الله أني أعطيكم كل بقل يبزر بزرا على وجه الأرض، وكل شجر فيه ثمر، شجر يبزر بزراً لكم يكون طعاماً" (تك29: 1). وأيضاً هو يمثل الطعام الأساسي للحيوان والطيور كما يعلن الكتاب المقدس: "ولكل حيوان الأرض، وكل طير السماء، ولكل دبابة على الأرض فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعاماً. وكان كذلك" (تك30: 1).


* تجديد الهواء: نحن نعلم أنه بعد استقرار الأرض ثبتت نسبة الأكسجين في الجو، ولكن ماذا يكون الوضع بعد خلق النباتات والحيوانات، التي تقوم عملية البناء والهدم فيها أساساً على الأكسجين Oxygen؛ حيث يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وأحياناً إلى أول اكسيد كربون؟ فكيف تستمر الحياة مع استنزاف الاكسجين من الجو؟!


كان لابد من معمل كبير لإنتاج الأكسوجين للمحافظة على نسبته في الجو وللحفاظ على استمرارية الحياة. ولكن الله لم يخلق معملاً واحداً، بل ما لا يحصى من المعامل في كل نبات أخضر.. فخلق معملا متكاملاً في كل خلية حية خضراء صغيرة مهما صغر حجمها. وهذا المعمل رغم صغره قادر على إنتاج الاكسوجين، وذلك عن طريق عملية التمثيل الكلوروفيللي بواسطة الضوء والمادة النباتية الخضراء (الكلوروفيل) Chlorophyll.


ومن هنا نرى قوة الآية التي قيلت في المزمور: "المُنبِت عشباً للبهائم، وخضرة لخدمة الإنسان" (مز14: 104). فعبارة "خضره" هنا تعني عملية التمثيل الكلوروفيللى. ويتضح ذلك لسببين:


1- ذكرت عبارة خضرة وليس عشب أو نبات. إذا فهو يتحدث عن اللون الأخضر.


2- ذكر كلمة "خضرة" ولم يذكر عبارة "طعاماً" لأن الإنسان لم يكن مصرحاً له في البداية أن يأكل من عشب الأرض في الماضي. فقبل سقوط آدم كان يأكل "بقولاً وثمار الأرض" فقط، ولكن ابتدأ يأكل العشب كإحدى العقوبات بعد الخطية.





أيام الخليقة الستة
اليوم الرابع -1: الشمس والقمر


"وقال الله: لتكن أنوار في جَلَدْ السماء، لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين. فعمل الله النورين العظيمين؛ النور الأكبر لحكم النهار، والنور الأصغر لحكم الليل" (تك14: 1-16).


فبعد أن هيأ الله الأرض للحياة، وبعد أن أنبتت النباتات لإستمرارية حياة الكائنات الأخرى، وقبل أن يتدرج اللة في عمل الخلق، وجد بحكمته الإلهية أن الارض تحتاج لمزيد من الطاقة الضوئية والحرارية، بما يتناسب مع احتياجات الإنسان وباقي الكائنات الحيوانية. فعمل النورين العظيمين: الشمس والقمر.


* ولكن، ما هو الفرق بين ضوء اليوم الأول وضوء اليوم الرابع؟! ولماذا كان الحديث عن الشمس والقمر دون باقي مكونات السماء من نجوم وكواكب أخرى؟ وكيف كان هناك ليل ونهار قبل ذلك؟!


فلنضع أمامنا صلاة مواضع حسب التدرج الزمني لذكرها:
1- في البدء خلق الله السموات والأرض (تك1: 1).
2- وقال الله ليكن نور (تك3: 1).
3- فعمل الله النورين العظيمين (16: 1).


وبالمقارنة بين الثلاث عبارات نصل إلى إجابة السؤال الأول:
1- العبارة الأولى تقول: "خلق الله"، وعبارة خلق أي أوجد الشيء من لا شيء.. أوجد السموات من العدم، بكل ما تحتويه من مجرات ونجوم وكواكب وأجسام مضيئة ذاتياً، وأجسام تعكس ضوء أجسام أخرى..


2- العبارة الثانية تقول: "ليكن نور"، ففي هذه المرحلة لم يغير الله شيئاً من طبيعة مصادر الضوء، وبصفة خاصة الشمس. ولكن ما تم تغييره كان يخص الأرض نفسها، حيث كانت مُحاطة بكميات كبيرة من الأبخرة. وكل ما حدث أنه بسبب توالي برودة الأرض بالتدريج، تكاثفت الابخرة المخيطة بها، وغمرت الأرض كمياه، وبالتالي تمكن الضوء –سواء من السديم الذي أُخِذَت منه الشمس أو من غيره من مصادر الضوء المختلفة- من الدخول إلى الأرض.


3- العبارة الثالثة يكلمنا فيها الوحي الإلهى على لسان موسى النبي قائلاً: "فعمل الله النورين العظيمين"، ونلاحظ أنه لم يقل "خلق". ومن هذا نرى أن ما حدث إنما هو تغيير نسبي في طبيعة مصدر الضوء (الشمس)، فعبارة "عمل" لا تعني الخلق من العدم، ولكنها تعني أنه عمل شيئاً من شيء آخر.


كمثال أن نقول أن النجار قد عمل هذا الكرسي، ولا نقول أن النجار قد خلق هذا الكرسى!


وهذا ما عمله الله في أليوم الرابع، حيث وصلت الشمس إلى شكلها وقوتها وإمكانياتها الجديدة كما نراها الآن، والتي لم تكن متميزة بها قبل اليوم الرابع، ففي هذا اليوم وصلت إلى ذروة قوتها.. وهذا ما يؤكده العلماء في أن النجوم تمر بمراحل نمو، حتى تصل إلى الذروة. وبعدها تبدأ قوتها في النقصان التدريجي، حتى تصل إلى مرحلة النهاية، حيث الانفجار والفناء.


فالشمس لم تُخلَق في اليوم الرابع من العدم، وإنما تم تطور شكلها وحجمها وقوتها، بعد أن كانت سديماً ضعيفاً.


وماذا عن القمر؟ فالقمر كذلك موجوداً من البدء في عبارة "خلق الله السموات والارض" (تك1: 1)، ولكنه كجم معتم لا ينبعث منه ضوء.. لذا قيمته واستخدامه مرتبطاً بالشمس وعملها وقوتها..


مثال: عندما نضع مرآه في حجرة مظلمة، ثم ننير ضوء خافت جداً، ثم لو وضعناها أمام أشعة الشمس.. ففي الحالة الأولى لا نرى المرآة، وفي الثانية نراها ولكن كجسم معتم، وفي الأخيرة سنراها جسماً منيراً بسبب إنعكاس ضوء الشمس عليها.


وهذا ما حدث مع القمر، فالمرحلة الأولى مع المرآه تمثل القمر في النصف الأول من اليوم الأول. والمرحله الثانيه تمثل علاقة القمر بالأرض عندما كان مصدر الضوء ضعيفاً، وكان الضوء المنبعث من الشمس في حالة تكوينها ضعيف، فبالأولى كان ضوء القمر ضعيف جداً ولا يكفي للإنعكاس على الأرض.. وهذا يمثل ضوء النصف الثاني من اليوم الأول. وأخيراً، المرحلة الثالثة تمثل حالة القمر بعد اليوم الرابع، حيث صار السديم الضعيف شمساً قوية، أرسلت ضوءها الشديد الذي وصل إلى القمر، وانعكس عليه إلى الأرض، فظهر كجسم مضيء يعكس لما ضوء الشمس ليلاً.


إضغط هنا لمشاهدة صورة متحركة أكثر وضوحاً لمراحل إنعكاس الضوء على القمر (2.5 ميجا)


وكما أوضحنا سابقاً، فقد كان الحديث في هذا قاصراً على الشمس والقمر دون الكواكب الأخرى، بسبب أن هذا أكثر ما يهم الانسان في كل هذا الكون.. فالشمس هي أقرب نجم للأرض، ومرتبط بها بقوة الجاذبية، بل أكثر النجوم تأثيراً على الأرض من جهة الحرارة والضوء، حتى أن بقاء واستقرار واستمرارية الأرض إنما هو مرتبط بالشمس. ونفس الحال مع القمر، فهو أقرب جسم سماوي لنا، ومن خلال ضوء الشمس المنعكس عليه ينير الليل في وسط الظلام، وله علاقة وثيقة معنا من خلال الجاذبية المتبادلة التي تكون المد والجزر على شواطئ البحار..


أما عن تعاقب الليل والنهار كظاهرة طبيعية، فهي مرابطة بطبيعة العلاقة بين الأرض والكيان الذي تدور حول نفسها أمامه، سواء كان شمساً في اليوم الرابع، أو سديماً قبل ذلك.. ومن المؤكد أن الأرض منذ تكوينها، إنما تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة تقريباً أمام مصدر الضوء الذي أُخِذَت منه وارتبطت به برباط الجاذبية. وعلى هذا فتعاقب النهار والليل، إنما يرجع إلى اليوم الأول، والتغير الوحيد هو في درجة إضاءة الأرض نهارا متأثرة بقوة إضاءة المصدر. تلك القوة التي وصلت ذروتها في اليوم الرابع.



أيام الخليقة الستة
اليوم الرابع -2: الشمس والقمر


وأخيراً، فحول عبارة "وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين" (تك14: 1). فعبارة "أوقات وأيام وسنين" سهلة ومفهومة حيث السنة وأقسامها (اليوم)، واليوم وأقسامه (الأوقات)، وهي تشمل الصباح والظهيرة.. ولكن، ماذا عن كلمة "آيات"؟


كلمة آيات جمع آية أي معجزة. فيوجد العديد من الظواهر التي تترتب على العلاقة المختلفة بين الشمس والأرض، وأيضاً بين الأرض والقمر.. مثل الخسوف القمري والكسوف الشمسي.. إلخ. وهذه الظواهر الطبيعية تحكمها قوانين ونظم في غاية الدقة، لدرجة أنه من السهل التنبؤ بمثل هذه الظواهر لمئات السنين.. وأي خلل أو تغيير مفاجئ غير محسوب وغير متوقع، إنما نعتبره آية أو معجزة يصنعها الله لتمجيد اسمه القدوس.


والكتاب المقدس غني بالأمثلة التي تبرز هذه الآيات:
1- ما جاء في سفر الخروج عن ضربة الإظلام (خر10): "ثم قال الرب لموسى: مد يبدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر، حتى يُلمَس الظلام. فمدَّ موسي يده نحو السماء، فكان ظلام دامس في كل أرض مصر ثلاثة أيام. ولم يبصر أحد أخاه، ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام. ولكن جميع بني اسرائيل كان لهم نور في مساكنهم" (خر21: 10-23).


وهنا نلاحظ أنه لا يوجد أي تعليل علمي لما حدث، وكانت ظاهرة غريبة من حيث وسيلة الإظلام (رفع موسى يده)، ومدة الظلام (3 أيام)، ودرجة الظلمة (ظلام دامس thick darkness)، وتوزيع الظلمه (كله ظلام عدا داخل مساكن بني إسرائيل).


2- ما حدث أيام يشوع النبي (يش10): "قال (يشوع) أما عيون الشعب: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي إيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل بالغروب نحو يوم كامل" (يش13،12: 10).


والآية هنا تكمن لي في مجرد الظلمة لفترة معينة، بل أن الأرض توقفت عن حركتها الدورانية حول نفسها أمام الشمس لمدة يوم (اليوم الطويل – نهار طويل)! بل توقفت كذلك حركة القمر.. وما حدث كان بمجرد طلبة يشوع النبى..


3- ما حدث أيام حزقيا الملك (2مل20): "فدعا إشعياء النبي الرب، فارجع الظل بالدرجات التي نزل بها بدرجات آحاز عشر درجات إلى الوراء" (2مل11: 20؛ إش8: 38). فحركة الشمس الطبيعية هي من الشرق للغرب، وما حدث هو عكس الطبيعة، حيث تحركت الشمس ورجعت إلى الشرق!


4- الظلمة أثناء الصلب (مت45: 27): عندما حدثت ظلمة على الأرض من وقت الساعة السادسة حتى الساعه التاسعة. وهذا غير طبيعي، فكيف يكون هناك كسوف للشمس لمدة ثلاثة ساعات متواصلة؟! وكيف يسبب ويكون الكسوف مرئي في "كل الأرض"؟!


# أما عبارة: أوقات وأيام وسنين:
فبسبب الدقة المتناهية في علاقة الأرض بالشمس، ودوران الأرض حول الشمس، ودورانها حول نفسها، نشأ عن ذلك ظهور الأوقات. وكلمة "اوقات" قد تعني أوقات اليوم: سحر – صباح – ظهيرة – غروب – مساء. وقد تعني أوقات السنة، أي مواسمها وفصولها: الصيف – الخريف – الشتاء – الربيع.


وعن عبارة "ايام"، فبدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل 24 ساعة ينشأ اليوم بنهاره وليله. فالجزء المواجه للشمس يستنير ويصير نهاراً، والآخر البعيد عن الشمس يكون مظلماً فيكون ليلاً.


وعبارة "سنين"، فالأرض تدور حول الشمس دورة كاملة في ما يُسمى بالسنة. وهي حوالي 365.25 يوم، وبالتدقيق 365 يوم، و5 ساعات، و48 دقيقة، و46 ثانية. وبتعاقب الدوران تتكون الأعوام.


وبهذا كانت الأنوار في جلد الماء، لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين.



أيام الخليقة الستة
اليوم الرابع -2: الشمس والقمر


وأخيراً، فحول عبارة "وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين" (تك14: 1). فعبارة "أوقات وأيام وسنين" سهلة ومفهومة حيث السنة وأقسامها (اليوم)، واليوم وأقسامه (الأوقات)، وهي تشمل الصباح والظهيرة.. ولكن، ماذا عن كلمة "آيات"؟


كلمة آيات جمع آية أي معجزة. فيوجد العديد من الظواهر التي تترتب على العلاقة المختلفة بين الشمس والأرض، وأيضاً بين الأرض والقمر.. مثل الخسوف القمري والكسوف الشمسي.. إلخ. وهذه الظواهر الطبيعية تحكمها قوانين ونظم في غاية الدقة، لدرجة أنه من السهل التنبؤ بمثل هذه الظواهر لمئات السنين.. وأي خلل أو تغيير مفاجئ غير محسوب وغير متوقع، إنما نعتبره آية أو معجزة يصنعها الله لتمجيد اسمه القدوس.


والكتاب المقدس غني بالأمثلة التي تبرز هذه الآيات:
1- ما جاء في سفر الخروج عن ضربة الإظلام (خر10): "ثم قال الرب لموسى: مد يبدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر، حتى يُلمَس الظلام. فمدَّ موسي يده نحو السماء، فكان ظلام دامس في كل أرض مصر ثلاثة أيام. ولم يبصر أحد أخاه، ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام. ولكن جميع بني اسرائيل كان لهم نور في مساكنهم" (خر21: 10-23).


وهنا نلاحظ أنه لا يوجد أي تعليل علمي لما حدث، وكانت ظاهرة غريبة من حيث وسيلة الإظلام (رفع موسى يده)، ومدة الظلام (3 أيام)، ودرجة الظلمة (ظلام دامس thick darkness)، وتوزيع الظلمه (كله ظلام عدا داخل مساكن بني إسرائيل).


2- ما حدث أيام يشوع النبي (يش10): "قال (يشوع) أما عيون الشعب: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي إيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل بالغروب نحو يوم كامل" (يش13،12: 10).


والآية هنا تكمن لي في مجرد الظلمة لفترة معينة، بل أن الأرض توقفت عن حركتها الدورانية حول نفسها أمام الشمس لمدة يوم (اليوم الطويل – نهار طويل)! بل توقفت كذلك حركة القمر.. وما حدث كان بمجرد طلبة يشوع النبى..


3- ما حدث أيام حزقيا الملك (2مل20): "فدعا إشعياء النبي الرب، فارجع الظل بالدرجات التي نزل بها بدرجات آحاز عشر درجات إلى الوراء" (2مل11: 20؛ إش8: 38). فحركة الشمس الطبيعية هي من الشرق للغرب، وما حدث هو عكس الطبيعة، حيث تحركت الشمس ورجعت إلى الشرق!


4- الظلمة أثناء الصلب (مت45: 27): عندما حدثت ظلمة على الأرض من وقت الساعة السادسة حتى الساعه التاسعة. وهذا غير طبيعي، فكيف يكون هناك كسوف للشمس لمدة ثلاثة ساعات متواصلة؟! وكيف يسبب ويكون الكسوف مرئي في "كل الأرض"؟!


# أما عبارة: أوقات وأيام وسنين:
فبسبب الدقة المتناهية في علاقة الأرض بالشمس، ودوران الأرض حول الشمس، ودورانها حول نفسها، نشأ عن ذلك ظهور الأوقات. وكلمة "اوقات" قد تعني أوقات اليوم: سحر – صباح – ظهيرة – غروب – مساء. وقد تعني أوقات السنة، أي مواسمها وفصولها: الصيف – الخريف – الشتاء – الربيع.


وعن عبارة "ايام"، فبدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل 24 ساعة ينشأ اليوم بنهاره وليله. فالجزء المواجه للشمس يستنير ويصير نهاراً، والآخر البعيد عن الشمس يكون مظلماً فيكون ليلاً.


وعبارة "سنين"، فالأرض تدور حول الشمس دورة كاملة في ما يُسمى بالسنة. وهي حوالي 365.25 يوم، وبالتدقيق 365 يوم، و5 ساعات، و48 دقيقة، و46 ثانية. وبتعاقب الدوران تتكون الأعوام.


وبهذا كانت الأنوار في جلد الماء، لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين.





أيام الخليقة الستة
اليوم الرابع -2: الشمس والقمر


وأخيراً، فحول عبارة "وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين" (تك14: 1). فعبارة "أوقات وأيام وسنين" سهلة ومفهومة حيث السنة وأقسامها (اليوم)، واليوم وأقسامه (الأوقات)، وهي تشمل الصباح والظهيرة.. ولكن، ماذا عن كلمة "آيات"؟


كلمة آيات جمع آية أي معجزة. فيوجد العديد من الظواهر التي تترتب على العلاقة المختلفة بين الشمس والأرض، وأيضاً بين الأرض والقمر.. مثل الخسوف القمري والكسوف الشمسي.. إلخ. وهذه الظواهر الطبيعية تحكمها قوانين ونظم في غاية الدقة، لدرجة أنه من السهل التنبؤ بمثل هذه الظواهر لمئات السنين.. وأي خلل أو تغيير مفاجئ غير محسوب وغير متوقع، إنما نعتبره آية أو معجزة يصنعها الله لتمجيد اسمه القدوس.


والكتاب المقدس غني بالأمثلة التي تبرز هذه الآيات:
1- ما جاء في سفر الخروج عن ضربة الإظلام (خر10): "ثم قال الرب لموسى: مد يبدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر، حتى يُلمَس الظلام. فمدَّ موسي يده نحو السماء، فكان ظلام دامس في كل أرض مصر ثلاثة أيام. ولم يبصر أحد أخاه، ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام. ولكن جميع بني اسرائيل كان لهم نور في مساكنهم" (خر21: 10-23).


وهنا نلاحظ أنه لا يوجد أي تعليل علمي لما حدث، وكانت ظاهرة غريبة من حيث وسيلة الإظلام (رفع موسى يده)، ومدة الظلام (3 أيام)، ودرجة الظلمة (ظلام دامس thick darkness)، وتوزيع الظلمه (كله ظلام عدا داخل مساكن بني إسرائيل).


2- ما حدث أيام يشوع النبي (يش10): "قال (يشوع) أما عيون الشعب: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي إيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل بالغروب نحو يوم كامل" (يش13،12: 10).


والآية هنا تكمن لي في مجرد الظلمة لفترة معينة، بل أن الأرض توقفت عن حركتها الدورانية حول نفسها أمام الشمس لمدة يوم (اليوم الطويل – نهار طويل)! بل توقفت كذلك حركة القمر.. وما حدث كان بمجرد طلبة يشوع النبى..


3- ما حدث أيام حزقيا الملك (2مل20): "فدعا إشعياء النبي الرب، فارجع الظل بالدرجات التي نزل بها بدرجات آحاز عشر درجات إلى الوراء" (2مل11: 20؛ إش8: 38). فحركة الشمس الطبيعية هي من الشرق للغرب، وما حدث هو عكس الطبيعة، حيث تحركت الشمس ورجعت إلى الشرق!


4- الظلمة أثناء الصلب (مت45: 27): عندما حدثت ظلمة على الأرض من وقت الساعة السادسة حتى الساعه التاسعة. وهذا غير طبيعي، فكيف يكون هناك كسوف للشمس لمدة ثلاثة ساعات متواصلة؟! وكيف يسبب ويكون الكسوف مرئي في "كل الأرض"؟!


# أما عبارة: أوقات وأيام وسنين:
فبسبب الدقة المتناهية في علاقة الأرض بالشمس، ودوران الأرض حول الشمس، ودورانها حول نفسها، نشأ عن ذلك ظهور الأوقات. وكلمة "اوقات" قد تعني أوقات اليوم: سحر – صباح – ظهيرة – غروب – مساء. وقد تعني أوقات السنة، أي مواسمها وفصولها: الصيف – الخريف – الشتاء – الربيع.


وعن عبارة "ايام"، فبدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل 24 ساعة ينشأ اليوم بنهاره وليله. فالجزء المواجه للشمس يستنير ويصير نهاراً، والآخر البعيد عن الشمس يكون مظلماً فيكون ليلاً.


وعبارة "سنين"، فالأرض تدور حول الشمس دورة كاملة في ما يُسمى بالسنة. وهي حوالي 365.25 يوم، وبالتدقيق 365 يوم، و5 ساعات، و48 دقيقة، و46 ثانية. وبتعاقب الدوران تتكون الأعوام.


وبهذا كانت الأنوار في جلد الماء، لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين.
 

أيام الخليقة الستة




اليوم الخامس -1: الحيوانات البدائية والديناصورات



"وقال الله: لِتَفِض المياه زحّافات ذات نفس حية، وليطر فوق الأرض على وجه جلد السماء. فخلق الله التنانين العظام، وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة، التي فاضت بها المياه كأجناها، وكل طير ذي جناح كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن، وباركها الله قائلاً: أثمري، وأكثري، واملأي المياه في البحار، وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً" (تك20: 1-27).

بعد أن خلق الله النباتات التي يعتمد عليها الحيوان في غذائه، والتي تعمل أيضاً على تنقية الهواء بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الأكسجين، مما يعطي للإنسان والحيوان إستمرارية الحياة دون توقف. عندئذ وفي تسلسل متفق مع العلم تماماً، يذكر الكتاب المقدس أن الله خلق الزواحف، ومن بعدها الطيور. وسنجد أن عبارة "لتفض المياه زحافات" عبارة بسيطة ولكنها قوية، حيث تتفق مع العلم في أن الكائنات الحيوانية في تدرج وجودها. وبعد أن وجدت في المياه كأسماك، عندئذ ظهرت على الأرض كحيوانات زاحفة بالقرب من المياه، حيث الحيوانات البرمائية والزواحف المختلفة..

أما عبارة "فخلق الله التنانين العظام" فلقد كانت هذه العبارة ولأجيال طويلة مصدر تشكيك في صحة الكتاب المقدس، وهذا التشكيك يرجع إلى عدم وجودها حيث أن الإنسان لم يجدها، ولم يعد يراها. فصارت لغزاً كبيراً بالنسبة له.

وظل الأمر كذلك حتى سنة 1677 عندما كُشِفَت قطعة عظام ضخمة عُرِفَت وقتها لأنها لأحد الديناصورات "الميجالوسورس" Megalosaurus، وهو من آكلة اللحوم. وبمرور الوقت تم اكتشاف بقايا كاملة لذلك الحيوان الضخم في سنة 1818 على يد بعض العمال بالقرب من وود سنوك – أكسن. وقد تم وضعه فيما بعد في متحف أكسفورد. وهو نوع من الأنواع ثنائية الأقدام، وقد تم وصف هذا النوع من الديناصورات Megalosaurus Buckland وصفاً علمياً دقيقاً سنة 1842. وقد أخذ اسم مكتشفه وليام باكلاند William Buckland.

لن نستطيع أن نترك جزء الديناصورات وانقراضها يعبر ببساطة.. فهناك حكمة لخلقها وفنائها.. ومن العجيب أن نلاحظ أن تلك الكائنات "باركها الله" لتثمر وتتوالد كما ذكر الكتاب..! فكيف يتم مباركتها، وانقراضها قبل مجئ الإنسان؟!



أيام الخليقة الستة



اليوم الأول -3: النور والحرارة



* النور دعامة الحياة:
"وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك3: 1). ولإكمال ترتيبات الله للخلق كان لابد له قبل أن يخلق الكائنات الحية أن يهيئ لها ما يعطيها الحياة؛ إذ أنه لابد من النور قبل الحياة من أجل إستمرارية الحياه. فكان لابد للضوء الذي يمثل مصدراً للطاقة المتنوعة..

أولا: الطاقة الحرارية:
* تلك الطاقة التي تبخر المياه وتحركها من موضع لآخر، من موضع مُغطى بالمياه (كالبحار) لتنتقل على هيئة سحب إلى مواضع بلا ماء فتُمطِرها بمائها.

* تلك الطاقة التي تبعث الدفء الضروري للحفاظ على الحياة.

* تلك الطاقه المبخرة لمياه النتح من على سطح النباتات، فتتحرك العصارة الحاملة للحياة من التربة إلى الجذور فالساق ثم الأوراق فالثمار، لتحل محل المياه التي تبخرت، تاركة العصارة المركزة، لتستفيد منها كل أجزاء النبات، بل وتتبخر المياه على سطح النبات ملطفة له حافظة حياته من الجفاف.

ثانياً: الطاقة الضوئية:
التي تعمل وحدها على استمراية الحياة من خلال تأثيرها الفعال في عملية التمثيل الضوئي (الكلوروفيللي) Chlorophyll في النبات، والتي بها يتكون الأكسوجين الذي نستنشقه، فلو لم يكن الضوء لإنتهى الاكسجين في الجو متحولاً إلى المركبات الكربونية المختلفة وبخار الماء، وبالتالي لانتهت الحياة التي تعتمد أساساً على الإكسجين.

ولكن العجيب أن نرى الفلاسفة ينادون، والعلماء ويعلمون أن مصدر الضوء هو الشمس.. ولكن، كيف يتحدث موسي النبى عن الضوء في اليوم الأول؟! في حين أنه لم يخطئ، ولم يتأثر بعلوم عصره أو علوم المصريين؟!

وبعد مرور قرون عديدة يتقدم العلم، ويتأكد صدق كلام موسي النبى، فيتأكد لما وجود الوحى الالهى وراء ما كتبه.. بالدراسة المتأنية نرى أن نور اليوم الاول يرجع إلى نور الشمس التي لم تكن قد اكتمل نموها، ولم تكن قد وصلت إلى كمال قوتها الخالية، حيث كانت سديماً مبعثراً ضعيف الضوء. بالإضافة للضوء القادم من النجوم والسدم الأخرى المنتشرة في الفضاء.

والنور في أليوم الآول كان باهتاً ضعيفاً، إلا أنه كان كافياً لحياة الكائنات الأولية التي خلقها الله بعدئذ، وكان كافياً لتجديد القليل من الأكسجين الذي تستنفذه تلك الكائنات في التنفس.

حقاً لو كان موسى من نفسه يكتب محكماً عقله معتمداً على علمه، متعلماً من فلاسفة عصره، لأخطأ الترتيب، وكان قد تحدث عن نجم الشمس قبل حديثه عن ضوء اليوم الإول.

وفي قول موسى النبي: "وقال الله ليكن نور"، لم يقل خلق الله أو عمل الله، بل "ليكن نور"، فلم يكن كلام الله متعلقاً بمصدر النور، بل بما يحجب النور الموجود بالفعل على الأرض، وكأنه يصدر أمراً بأن تبرد الأرض ليتكثف البخار فيدخل النور إلى الأرض.

* الليل والنهار:
وفصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً".
هنا يتحدث الكتاب المقدس عن تعاقب النور والظلمة – النهار والليل، ولكن كيف يحدث هذا والشمس لم توجد بعد؟! فهل أخطأ موسى؟! بالطبع لا.. فالعلم يوضح صحة كلام موسى النبي، عندما كشف أن تعاقب النور والظلمة مرتبط بأمرين:

الأمر الأول: دروان الأرض حول نفسها. وهذه الظاهرة وجدت مع وجود الارض من البداية.

الأمر الثاني: مركز الجاذبية الذي تدور حوله الأرض والذي تدور أمامه حول نفسها. وحيث أن هذا المركز لم يتغير ككيان، وإن كان قد تغير كهيئة وكشكل، فهو يتغير كلياً، ولكن تغير جزئياً، بوصوله إلى الشكل والحجم والقوة التي وصل إليها في اليوم الرابع كشمس.

من هذا نرى أن تعاقب الليل والنهار كان طبيعياً منذ اليوم الأول، وكل ما تغير فقط هو قوة الإضاءة أثناء النهار، لتغير مصدر الضوء وقدرته وقوته.

* ختام اليوم الأول: "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً".
ويختتم موسى النبي حديثه عن اليوم الأول بتلك العبارة البسيطة القوية، التي تتوافق أيضاً مع العلم تماماً.

فتحدث أولاً عن المساء، لأن الظلمة كانت أولاً بسبب الأبخرة التي كانت تعلو الأرض، وتحجب عنها الضوء الخارجي، وبانقشاعها كان للنور أن يدخل إلى الأرض.


أيام الخليقة الستة



اليوم الثاني: الجَلَدْ (الغلاف الجوي)



"وقال الله: ليكن جَلَدْ في وسط السماء، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه" (تك6: 1).
بعد حديث موسي النبى عن الضوء، يتوقع الكثيرون أن الخطوة التالية هي خلق الكائنات الحية، ولكن موسى النبي خرج عن هذا التفكير، فكتب بوحي من الله كما لو كان من أعظم العلماء، ويضع خطوة أخرى قبل خلق الكائنات، وهي تكوين الغلاف الجوي.

فكيف للكائنات أن تعيش دون ذلك الدرع الواقي الذي يصد عنها الأشعة الكونية المميتة التي تأتينا من خارج.. فنحن الآن نعيش في قلق من ثقب بسيط في طبقة من طبقات الغلاف الجوى وهي طبقة الأوزون Ozone، فكم وكم لو لم يكن الغلاف الجوي كله موجوداً؟! وهناك فوائد جمة للغلاف الجوي التي يستحيل بدونها الحياة..

* ومن الجدير بالذكر أن نذكر تصحيح معلومة أن الأوزون هو الذي أدى إلى رفع درجة الحرارة.. فنسبة ثاني أكسيد الكربون عندما تزيد، ترتفع الحرارة.. تؤدي إلى ظاهرة الصوبة أو الGreen House Effect. فالأوزون يمنع الآشعة فوق البنفسجية من الدخول للأرض.. فهو يؤثر على الشبكية ويؤدي للعمى، وكذلك سرطان الجلد cancer، ويؤثر على توزيع النباتات..

فكيف لك أيها العظيم في الأنبياء موسى النبي أن تدرك هذه المعرفة، وهي لم تكن موجودة على الإطلاق في عصرك؟!

ومن هنا ندرك التوافق العجيب بين العلم الحديث وبين الكتاب المقدس، قديم الأيام، والمتجدد يومياً، والذي يتناسب مع كل عصر، والذي يؤكد كل حين بكل وسيلة أنه كتاب الله.

بل والمتأمل في العبارة السابقة "ليكن جلد firmament فى وسط المياة، وليكن فاصلا بين مياة ومياة"، يرى دقة التعبير العلمي، فالجَلَد (أي الطبقة الأولى من السماء، وما نسميها سماء الغازات والطيور) والتي هي عبارة عن بخار مياه يتصاعد ويتجمع عند مستوى معين من الجلد محكوماً بعدة عوامل، منها الجاذبية الأرضية، كثافة الهواء، كثافه بخار الماء، كمية البخار المتجمعة، ودرجة حرارة الجو.. أما المياه التي تحت الجلد، فهي المياه التي كانت تغمر الأرض في ذلك الوقت.

ووجود المياه التي فوق الجلد (السحب) يؤكد لنا حقيقة علمية سابقة مرت علينا، وهي أن الطاقة الحرارية في نهاية اليوم الأول، والآتية من السديم كانت كافية لعملية البخر، بما يسمح بتكوين السحب.

فلنسبح الله.. فمواصفات الغلاف الجوي تساعد على حمل الموجات الكهرومغناطيسية مثل آشعة الراديو والتليفزيون والموبايل وغيره.. فبدون هذه المواصفات الدقيقة للغلاف الجوي، ووزنه الذري الدقيق، قد لا يستطيع على حمل هذه الموجات.. ولن يكون هناك أي من تكنولوجيا الاتصالات الحديثة هذه.. إلخ.




أيام الخليقة الستة
اليوم الثالث -1: البحار
أولاً: مجتمع البحار
"وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء في مكان واحد، ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضاً، ومجتمع المياه دعاه بحاراً" (تك10،9: 1).
لقد كانت المياه كما سبق أن علمنا تغطي كل الأرض، مما جعل تسميتها (غمراً) أي الأرض المغمورة بالمياه.
ولكن كيف تكون الحياة على الأرض مغمورة بالمياه؟! كيف يعيش الحيوان؟ وينمو النبات..؟! كيف تكونت الحياة والأرض التي نراها الآن مع وجود هذه المياه؟

لكي نفهم ما حدث، نحتاج إلى إلقاء الضوء على الأمثلة التالية:
1- ماذا يحدث عندما تفقد الأرض الزراعية جزءاً كبيراً من مياهها بالتبخير؟ أي ماذا يحدث للأرض الزراعية عندما تفقد جزءا كبيرا من حجمها؟ هل تنقص مساحة الفدان لنقصان حجم الأرض؟! بالطبع لا.

إن ما يحدث هو تشقق الأرض الزراعية، ليحل الهواء محل الماء. ولكن تبقى المساحة ثابتة رغم نقصانها.

2- ماذا يحدث لو تركنا بعض ثمار الفاكهة أو الخضراوات معرضة للهواء أو الشمس؟ ماذا لو تم وزن الثمار بعد عدة أيام بالميزان؟ إن ما يحدث هو أننا نجد أن وزنها قد نقص، وبالتالي نلاحظ أن حجمها قد نقص وصغر. ولكن مساحة سطحها لا تتغير. مما يجعل شكلها الخارجي يتغير نسبياً للمحافظة على مساحة السطح، على الرغم من تغير الحجم وهذا الشكل الجديد، نقول عنه أن الثمار قد ذبلت، أي أصبح سطحها خشناً متعرجاً.

3- ماذا يحدث لو تركنا لوحاً خشبياً حديث القطع من شجرة معرضاً لأشعة الشمس لفترة طويلة؟ إن ما يحدث هو أحد أمرين أو كلاهما: إما أن يشتقق اللوح (مثل الأرض الزراعية)، أو ينحني سطحه ويصبح مقعراً تجاه الشمس.

4- يظهر نفس الحال عندما يتبع شخصاً نظاماً غذائياً قاسياً، مما يتسبب في وجود بعض التجاعيد والهالات السوداء حول العين.. وما هذه الهالات إلا تجاعيد صغيرة جداً في الجلد المحيط بالعين.. فتحدث التجاعيد بدون أن ينكمش حجم الجلد.

إن ما حدث للأرض إنما هو أنها انكمشت بشدة بالتبريد مع الوقت، مما قلل من حجمها، في حين أن مساحة سطحها لا تتغير. وقد أدى ذلك إلى ظهور التجاعيد ولكن على نطاق واسع. وهذه التجاعيد بالنسبة لأرض، هي مجموعة من الظواهر الطبيعية والجيولوجية. ومن أمثلتها:

1- الفوالق faults: ومثال ذلك ما يمثله البحر الأحمر حالياً، فهو مجموعة من الفوالق المركبة.

2- الطيات folds: وهي عبارة عن تجاعيد وانحناءات في الطبقات الأرضية..

وقد أدى ظهور هذه الفوالق والطيات إلى ظهور مرتفعات تمثل اليابسة، ومناطق منخفضة اندفعت إليها المياه لتكوين البحار. وقد أدت هذه الطيات وتلك الفوالق ليس فقط إلى ظهور اليابسة إلى أعلى، بل كشفت أيضاً الطبقات الصخرية وما تحويه من معادن وحجارة ثمينة أمام نظر الإنسان. ليبدأ في عملية استغلالها.

هذا وقد تغيرت المعالم الأولى لهذه الطيات والفوالق، نتيجة لعوامل التعرية والترسيبات المختلفة. وتوضح الرسومات كيف تكونت المرتفعات والمنخفضات سواء بالطيات أو الفوالق.

ثانياً: تأكيدات تاريخية علمية:
لقد ظلت معرفة البحار والمحيطات، ومدى ارتباطها ببعضها البعض معرفة قاصرة محدودة، حتى تمكن كريستوفر كولمبوس Christopher Columbus سنة 1492 من الوصول إلى الأمريكتين. وبعدها فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan من الإبحار حول الأرض. ومن بعدها الطائرات وسفن الفضاء، لتؤكد صحة الحقيقة المذكورة في الكتاب المقدس: "لتجتمع المياه التي تحت السماء إلى مكان واحد". وهذا ما كتبه موسى النبي الذي لم ير في حياته أكثر من البحر الأحمر والبحر المتوسط، الذين كانا منفصلين في ذلك الوقت (لأن قناة السويس لم تكن موجودة حينئذ).

وحتى البحيرات الداخلية وإن كانت معزولة ظاهرياً، إلا أنها متصلة خفية عن طريق المياه التحت سطحية والجوفية.

حقاً، لم يكن موسي إلا قلماً يكتب به الله، ولساناً يتحدث من خلاله الله، وفكراً يفكر بما أوحى له الله من قبل.




أيام الخليقة الستة
اليوم الثالث -2: النباتات

ظهور النباتات:
"وقال الله لتنبت الأرض عشباً، وبقلاً يبزر بزراً، وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه، وبزره فيه على الأرض. وكان كذلك" (تك11: 1-13).

لقد خلق الله الأرض للإنسان، ولذا أخذ الله في إعداد هذه الارض. وأثناء إعدادها مرت بعدة مراحل:
1- إنفصالها عن الجسم المشتعل لتبدأ في البرودة تدريجياً.
2- ظهور اليابسة، وتجمع المياه إلى مكان واحد.
3- إنقشاع الأبخرة، حتى يتسنى للضوء –دعامة الحياة- بالدخول إليها.
4- وبعد ذلك كان للنباتات أن تظهر.

ولكن، لماذا النباتات في هذه المرحلة؟ هل لأنها تمثل الغذراء الرئيسي للإنسان والحيوان؟ في الحقيقة الأمر يرجع لعدة أسباب جوهرية:

* الطعام: فالنبات بالنسبة للإنسان يمثل الطعام الرئيسي، بل وبالنسبة للإنسان الأول فهو الطعام الوحيد، كما يتضح من الكتاب المقدس: "وقال الله أني أعطيكم كل بقل يبزر بزرا على وجه الأرض، وكل شجر فيه ثمر، شجر يبزر بزراً لكم يكون طعاماً" (تك29: 1). وأيضاً هو يمثل الطعام الأساسي للحيوان والطيور كما يعلن الكتاب المقدس: "ولكل حيوان الأرض، وكل طير السماء، ولكل دبابة على الأرض فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعاماً. وكان كذلك" (تك30: 1).

* تجديد الهواء: نحن نعلم أنه بعد استقرار الأرض ثبتت نسبة الأكسجين في الجو، ولكن ماذا يكون الوضع بعد خلق النباتات والحيوانات، التي تقوم عملية البناء والهدم فيها أساساً على الأكسجين Oxygen؛ حيث يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وأحياناً إلى أول اكسيد كربون؟ فكيف تستمر الحياة مع استنزاف الاكسجين من الجو؟!

كان لابد من معمل كبير لإنتاج الأكسوجين للمحافظة على نسبته في الجو وللحفاظ على استمرارية الحياة. ولكن الله لم يخلق معملاً واحداً، بل ما لا يحصى من المعامل في كل نبات أخضر.. فخلق معملا متكاملاً في كل خلية حية خضراء صغيرة مهما صغر حجمها. وهذا المعمل رغم صغره قادر على إنتاج الاكسوجين، وذلك عن طريق عملية التمثيل الكلوروفيللي بواسطة الضوء والمادة النباتية الخضراء (الكلوروفيل) Chlorophyll.

ومن هنا نرى قوة الآية التي قيلت في المزمور: "المُنبِت عشباً للبهائم، وخضرة لخدمة الإنسان" (مز14: 104). فعبارة "خضره" هنا تعني عملية التمثيل الكلوروفيللى. ويتضح ذلك لسببين:

1- ذكرت عبارة خضرة وليس عشب أو نبات. إذا فهو يتحدث عن اللون الأخضر.

2- ذكر كلمة "خضرة" ولم يذكر عبارة "طعاماً" لأن الإنسان لم يكن مصرحاً له في البداية أن يأكل من عشب الأرض في الماضي. فقبل سقوط آدم كان يأكل "بقولاً وثمار الأرض" فقط، ولكن ابتدأ يأكل العشب كإحدى العقوبات بعد الخطية.



أيام الخليقة الستة


اليوم الرابع -1: الشمس والقمر

"وقال الله: لتكن أنوار في جَلَدْ السماء، لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين. فعمل الله النورين العظيمين؛ النور الأكبر لحكم النهار، والنور الأصغر لحكم الليل" (تك14: 1-16).

فبعد أن هيأ الله الأرض للحياة، وبعد أن أنبتت النباتات لإستمرارية حياة الكائنات الأخرى، وقبل أن يتدرج اللة في عمل الخلق، وجد بحكمته الإلهية أن الارض تحتاج لمزيد من الطاقة الضوئية والحرارية، بما يتناسب مع احتياجات الإنسان وباقي الكائنات الحيوانية. فعمل النورين العظيمين: الشمس والقمر.

* ولكن، ما هو الفرق بين ضوء اليوم الأول وضوء اليوم الرابع؟! ولماذا كان الحديث عن الشمس والقمر دون باقي مكونات السماء من نجوم وكواكب أخرى؟ وكيف كان هناك ليل ونهار قبل ذلك؟!

فلنضع أمامنا صلاة مواضع حسب التدرج الزمني لذكرها:
1- في البدء خلق الله السموات والأرض (تك1: 1).
2- وقال الله ليكن نور (تك3: 1).
3- فعمل الله النورين العظيمين (16: 1).

وبالمقارنة بين الثلاث عبارات نصل إلى إجابة السؤال الأول:
1- العبارة الأولى تقول: "خلق الله"، وعبارة خلق أي أوجد الشيء من لا شيء.. أوجد السموات من العدم، بكل ما تحتويه من مجرات ونجوم وكواكب وأجسام مضيئة ذاتياً، وأجسام تعكس ضوء أجسام أخرى..

2- العبارة الثانية تقول: "ليكن نور"، ففي هذه المرحلة لم يغير الله شيئاً من طبيعة مصادر الضوء، وبصفة خاصة الشمس. ولكن ما تم تغييره كان يخص الأرض نفسها، حيث كانت مُحاطة بكميات كبيرة من الأبخرة. وكل ما حدث أنه بسبب توالي برودة الأرض بالتدريج، تكاثفت الابخرة المخيطة بها، وغمرت الأرض كمياه، وبالتالي تمكن الضوء –سواء من السديم الذي أُخِذَت منه الشمس أو من غيره من مصادر الضوء المختلفة- من الدخول إلى الأرض.

3- العبارة الثالثة يكلمنا فيها الوحي الإلهى على لسان موسى النبي قائلاً: "فعمل الله النورين العظيمين"، ونلاحظ أنه لم يقل "خلق". ومن هذا نرى أن ما حدث إنما هو تغيير نسبي في طبيعة مصدر الضوء (الشمس)، فعبارة "عمل" لا تعني الخلق من العدم، ولكنها تعني أنه عمل شيئاً من شيء آخر.

كمثال أن نقول أن النجار قد عمل هذا الكرسي، ولا نقول أن النجار قد خلق هذا الكرسى!

وهذا ما عمله الله في أليوم الرابع، حيث وصلت الشمس إلى شكلها وقوتها وإمكانياتها الجديدة كما نراها الآن، والتي لم تكن متميزة بها قبل اليوم الرابع، ففي هذا اليوم وصلت إلى ذروة قوتها.. وهذا ما يؤكده العلماء في أن النجوم تمر بمراحل نمو، حتى تصل إلى الذروة. وبعدها تبدأ قوتها في النقصان التدريجي، حتى تصل إلى مرحلة النهاية، حيث الانفجار والفناء.

فالشمس لم تُخلَق في اليوم الرابع من العدم، وإنما تم تطور شكلها وحجمها وقوتها، بعد أن كانت سديماً ضعيفاً.

وماذا عن القمر؟ فالقمر كذلك موجوداً من البدء في عبارة "خلق الله السموات والارض" (تك1: 1)، ولكنه كجم معتم لا ينبعث منه ضوء.. لذا قيمته واستخدامه مرتبطاً بالشمس وعملها وقوتها..

مثال: عندما نضع مرآه في حجرة مظلمة، ثم ننير ضوء خافت جداً، ثم لو وضعناها أمام أشعة الشمس.. ففي الحالة الأولى لا نرى المرآة، وفي الثانية نراها ولكن كجسم معتم، وفي الأخيرة سنراها جسماً منيراً بسبب إنعكاس ضوء الشمس عليها.

وهذا ما حدث مع القمر، فالمرحلة الأولى مع المرآه تمثل القمر في النصف الأول من اليوم الأول. والمرحله الثانيه تمثل علاقة القمر بالأرض عندما كان مصدر الضوء ضعيفاً، وكان الضوء المنبعث من الشمس في حالة تكوينها ضعيف، فبالأولى كان ضوء القمر ضعيف جداً ولا يكفي للإنعكاس على الأرض.. وهذا يمثل ضوء النصف الثاني من اليوم الأول. وأخيراً، المرحلة الثالثة تمثل حالة القمر بعد اليوم الرابع، حيث صار السديم الضعيف شمساً قوية، أرسلت ضوءها الشديد الذي وصل إلى القمر، وانعكس عليه إلى الأرض، فظهر كجسم مضيء يعكس لما ضوء الشمس ليلاً.

إضغط هنا لمشاهدة صورة متحركة أكثر وضوحاً لمراحل إنعكاس الضوء على القمر (2.5 ميجا)

وكما أوضحنا سابقاً، فقد كان الحديث في هذا قاصراً على الشمس والقمر دون الكواكب الأخرى، بسبب أن هذا أكثر ما يهم الانسان في كل هذا الكون.. فالشمس هي أقرب نجم للأرض، ومرتبط بها بقوة الجاذبية، بل أكثر النجوم تأثيراً على الأرض من جهة الحرارة والضوء، حتى أن بقاء واستقرار واستمرارية الأرض إنما هو مرتبط بالشمس. ونفس الحال مع القمر، فهو أقرب جسم سماوي لنا، ومن خلال ضوء الشمس المنعكس عليه ينير الليل في وسط الظلام، وله علاقة وثيقة معنا من خلال الجاذبية المتبادلة التي تكون المد والجزر على شواطئ البحار..

أما عن تعاقب الليل والنهار كظاهرة طبيعية، فهي مرابطة بطبيعة العلاقة بين الأرض والكيان الذي تدور حول نفسها أمامه، سواء كان شمساً في اليوم الرابع، أو سديماً قبل ذلك.. ومن المؤكد أن الأرض منذ تكوينها، إنما تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة تقريباً أمام مصدر الضوء الذي أُخِذَت منه وارتبطت به برباط الجاذبية. وعلى هذا فتعاقب النهار والليل، إنما يرجع إلى اليوم الأول، والتغير الوحيد هو في درجة إضاءة الأرض نهارا متأثرة بقوة إضاءة المصدر. تلك القوة التي وصلت ذروتها في اليوم الرابع.


أيام الخليقة الستة
اليوم الرابع -2: الشمس والقمر

وأخيراً، فحول عبارة "وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين" (تك14: 1). فعبارة "أوقات وأيام وسنين" سهلة ومفهومة حيث السنة وأقسامها (اليوم)، واليوم وأقسامه (الأوقات)، وهي تشمل الصباح والظهيرة.. ولكن، ماذا عن كلمة "آيات"؟

كلمة آيات جمع آية أي معجزة. فيوجد العديد من الظواهر التي تترتب على العلاقة المختلفة بين الشمس والأرض، وأيضاً بين الأرض والقمر.. مثل الخسوف القمري والكسوف الشمسي.. إلخ. وهذه الظواهر الطبيعية تحكمها قوانين ونظم في غاية الدقة، لدرجة أنه من السهل التنبؤ بمثل هذه الظواهر لمئات السنين.. وأي خلل أو تغيير مفاجئ غير محسوب وغير متوقع، إنما نعتبره آية أو معجزة يصنعها الله لتمجيد اسمه القدوس.

والكتاب المقدس غني بالأمثلة التي تبرز هذه الآيات:
1- ما جاء في سفر الخروج عن ضربة الإظلام (خر10): "ثم قال الرب لموسى: مد يبدك نحو السماء ليكون ظلام على أرض مصر، حتى يُلمَس الظلام. فمدَّ موسي يده نحو السماء، فكان ظلام دامس في كل أرض مصر ثلاثة أيام. ولم يبصر أحد أخاه، ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام. ولكن جميع بني اسرائيل كان لهم نور في مساكنهم" (خر21: 10-23).

وهنا نلاحظ أنه لا يوجد أي تعليل علمي لما حدث، وكانت ظاهرة غريبة من حيث وسيلة الإظلام (رفع موسى يده)، ومدة الظلام (3 أيام)، ودرجة الظلمة (ظلام دامس thick darkness)، وتوزيع الظلمه (كله ظلام عدا داخل مساكن بني إسرائيل).

2- ما حدث أيام يشوع النبي (يش10): "قال (يشوع) أما عيون الشعب: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي إيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل بالغروب نحو يوم كامل" (يش13،12: 10).

والآية هنا تكمن لي في مجرد الظلمة لفترة معينة، بل أن الأرض توقفت عن حركتها الدورانية حول نفسها أمام الشمس لمدة يوم (اليوم الطويل – نهار طويل)! بل توقفت كذلك حركة القمر.. وما حدث كان بمجرد طلبة يشوع النبى..

3- ما حدث أيام حزقيا الملك (2مل20): "فدعا إشعياء النبي الرب، فارجع الظل بالدرجات التي نزل بها بدرجات آحاز عشر درجات إلى الوراء" (2مل11: 20؛ إش8: 38). فحركة الشمس الطبيعية هي من الشرق للغرب، وما حدث هو عكس الطبيعة، حيث تحركت الشمس ورجعت إلى الشرق!

4- الظلمة أثناء الصلب (مت45: 27): عندما حدثت ظلمة على الأرض من وقت الساعة السادسة حتى الساعه التاسعة. وهذا غير طبيعي، فكيف يكون هناك كسوف للشمس لمدة ثلاثة ساعات متواصلة؟! وكيف يسبب ويكون الكسوف مرئي في "كل الأرض"؟!

# أما عبارة: أوقات وأيام وسنين:
فبسبب الدقة المتناهية في علاقة الأرض بالشمس، ودوران الأرض حول الشمس، ودورانها حول نفسها، نشأ عن ذلك ظهور الأوقات. وكلمة "اوقات" قد تعني أوقات اليوم: سحر – صباح – ظهيرة – غروب – مساء. وقد تعني أوقات السنة، أي مواسمها وفصولها: الصيف – الخريف – الشتاء – الربيع.

وعن عبارة "ايام"، فبدوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل 24 ساعة ينشأ اليوم بنهاره وليله. فالجزء المواجه للشمس يستنير ويصير نهاراً، والآخر البعيد عن الشمس يكون مظلماً فيكون ليلاً.

وعبارة "سنين"، فالأرض تدور حول الشمس دورة كاملة في ما يُسمى بالسنة. وهي حوالي 365.25 يوم، وبالتدقيق 365 يوم، و5 ساعات، و48 دقيقة، و46 ثانية. وبتعاقب الدوران تتكون الأعوام.

وبهذا كانت الأنوار في جلد الماء، لتفصل بين النهار والليل، وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين.




أيام الخليقة الستة


اليوم الخامس -1: الحيوانات البدائية والديناصورات


"وقال الله: لِتَفِض المياه زحّافات ذات نفس حية، وليطر فوق الأرض على وجه جلد السماء. فخلق الله التنانين العظام، وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة، التي فاضت بها المياه كأجناها، وكل طير ذي جناح كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن، وباركها الله قائلاً: أثمري، وأكثري، واملأي المياه في البحار، وليكثر الطير على الأرض. وكان مساء وكان صباح يوماً خامساً" (تك20: 1-27).

بعد أن خلق الله النباتات التي يعتمد عليها الحيوان في غذائه، والتي تعمل أيضاً على تنقية الهواء بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الأكسجين، مما يعطي للإنسان والحيوان إستمرارية الحياة دون توقف. عندئذ وفي تسلسل متفق مع العلم تماماً، يذكر الكتاب المقدس أن الله خلق الزواحف، ومن بعدها الطيور. وسنجد أن عبارة "لتفض المياه زحافات" عبارة بسيطة ولكنها قوية، حيث تتفق مع العلم في أن الكائنات الحيوانية في تدرج وجودها. وبعد أن وجدت في المياه كأسماك، عندئذ ظهرت على الأرض كحيوانات زاحفة بالقرب من المياه، حيث الحيوانات البرمائية والزواحف المختلفة..

أما عبارة "فخلق الله التنانين العظام" فلقد كانت هذه العبارة ولأجيال طويلة مصدر تشكيك في صحة الكتاب المقدس، وهذا التشكيك يرجع إلى عدم وجودها حيث أن الإنسان لم يجدها، ولم يعد يراها. فصارت لغزاً كبيراً بالنسبة له.

وظل الأمر كذلك حتى سنة 1677 عندما كُشِفَت قطعة عظام ضخمة عُرِفَت وقتها لأنها لأحد الديناصورات "الميجالوسورس" Megalosaurus، وهو من آكلة اللحوم. وبمرور الوقت تم اكتشاف بقايا كاملة لذلك الحيوان الضخم في سنة 1818 على يد بعض العمال بالقرب من وود سنوك – أكسن. وقد تم وضعه فيما بعد في متحف أكسفورد. وهو نوع من الأنواع ثنائية الأقدام، وقد تم وصف هذا النوع من الديناصورات Megalosaurus Buckland وصفاً علمياً دقيقاً سنة 1842. وقد أخذ اسم مكتشفه وليام باكلاند William Buckland.

لن نستطيع أن نترك جزء الديناصورات وانقراضها يعبر ببساطة.. فهناك حكمة لخلقها وفنائها.. ومن العجيب أن نلاحظ أن تلك الكائنات "باركها الله" لتثمر وتتوالد كما ذكر الكتاب..! فكيف يتم مباركتها، وانقراضها قبل مجئ الإنسان؟!


أيام الخليقة الستة


اليوم الخامس -2: أنواع الديناصورات


أولا: الديناصورات البرية:
منها الضخم مثل البراكيوسورس Brachiosaurus، والذي كان يصل وزنه إلى 12 طنا، مما مكنه من العيش في الماء والتنفس عن طريق رأسه العالية.. ومنها أيضاً الباروسورس Barosaurus، والذي يبلغ طوله 27 متراً، وهو من آكلة النباتات.

ثانياً: الزواحف المائية (الأكثيوسور):
وكانت تتميز بالضخامة مع وجود الزعانف التي تمكنها من الحركة. ومنها الأنواع الضخمة جداً مثل نوع الإيلازموسورس Elasmosaurus.

ثالثاً: الزواحف الطائرة (الأركيوبتركس أو البتروسور Pterosaurus):
ومنها الأحجام الضخمة مثل بتراندون Pterandon - Pteranodon، فكانت المسافة بين جناحيه حوالي 8 أمتار! وكانت الأجنحة من النوع الغشائي الجلدي مثل الخفاش، وكانت العظام مجوفة لتساعد على خفة الوزن لتساعدها على الطيران رغم كبر حجمها. وكان لبعضها أجنحة مغطاة بالريش، والكثير من خصائص الطيور. فكانت حلقة وصل بين الطيور والزواحف.


أيام الخليقة الستة


اليوم الخامس 3-: إنقراض الديناصورات

إن وراء البركة التي باركها الله للديناصورات، ولانقراضها سريعاً قبل الإنسان، أسراراً علمية قوية وعجيبة تبرز عناية الله بالإنسان.. فكما يدخر الأب لابنه قدراً من المال يستفيد منه عند كبره، هكذا خلق الله هذه الكائنات لتملأ الأرض.. لأنها تمثل المصدر الأساسي لمخزون البترول في العالم، والذي يستفيد منه الإنسان في أغلب مجالات الحياة.. والحكمة من وراء انتشارها على اليابسة وفي المياه، وفي البر والبحر، ما يساعد على دفن أكبر عدد منها عند حدوث أي حركات أرضية.. فعند ظهور جزيرة في المياه مثلاً، تموت الديناصورات المائية لضخامتها، ولكثرتها، وتتحلل مكونة مخزوناً هائلاً من البترول.. وهكذا أيضاً عندما تغطي المياه اليابسة في عملية Transgression، يموت كماً هائلاً من الحيوانات البرية.. وعند انحسار المياه عن اليابسة في عملية الإنسحاب Regression تموت كميات كبيرة من النوع البحري.. وبهذه الطريقة يُستفاد من تحلل أجسامها الضخمة في تكوين مخزون البترول، والذي ينتشر عند المناطق التي عُرِفَت على مدى التاريخ بالنشاط الجيولوجي Geological Activity وبالحركات الأرضية Terrestrial Movements، وبصفة خاصة في مناطق الخلجان (الخليج العربي – خليج السويس – خليج العقبة – خليج المكسيك – خليج أبي قير.. إلخ).

وكان لابد قبل مجيء الإنسان أن تندثر تلك الكائنات الضخمة:
1- لصعوبة حياة الإنسان وسط هذه الكائنات المخيفة، والتي قد تعرض حياته للخطر، وتتغذى على غذاءه..
2- لأن الإنسان لا يحتاجها، بل بالأكثر يحتاج لزيت البترول الذي نتج منها.

ومن هنا نلاحظ أن الله لأجل الإنسان سخَّر كل الكائنات لخدمته.

* كيف انقرضت الديناصورات؟!
في الحقيقة أن أمر إنقراض الديناصورات -والتي ظلت متربعة على عرش الكائنات الحية على الأرض لمدة تتراوح ما بين 5 إلى عشر مليون سنة- لازال تحت البحث والدراسة. وقد أثمرت هذه الأبحاث عن عدة نظريات، منها:
1- أن الانقراض يرجع إلى التغيرات المناخية على المدى الزمني الطويل، والتي لم تتمكن الديناصورات من التأقلم معها، مما أدى إلى إحلال الثدييات محلها باضطراد.

2- أن الانخفاض الشديد في الحرارة ما بين العصر الكريتاسي (الطباشيري) وحقبة الحياة الحديثة، أدى إلى اندثار أغلب هذه الكائنات.

3- أن الحركات الأرضية والتي أدت إلى ظهور العديد من الجزر وارتفاع كثير من الجبال، قد نتج عنها انحسار مياه البحار والمحيطات في مناطق، وغمرها لمناطق أخرى. مما أدى لغرق الديناصورات البرية، أو اختناق الديناصورات البحرية. في حين استمرت الحيوانات الثديية والطيور الحية لخفة وزنها ولسرعة حركتها..

4- وتوجد نظرية تجد الكثير من القبول، تقول أنه قد حدث انقراض شبه مفاجئ للديناصورات بسبب اصطدام جسم فضائي بالأرض، كان يقدر قطره بحوالي 9 كيلومترات، أو ربما اصطدام مجموعة من المذنبات بالأرض أدى سقوطها إلى ظهور سحابة ضخمة من التربة، منعت وصول أشعة الشمس لهذه الكائنات.. وهذا تم تأييده بشدة بعد اكتشاف نسبة من عنصر الإريديوم Iridium على الأرض، مما يؤكد تصادم جسم من خارج الأرض معها.

5- وتوجد نظرية أخرى تفترض بوجود فترات زمنية ذات نشاط بركاني هائل، تسبب في حدوث ظلام بسبب التراب البركاني، وأدى إلى أمطار حمضية –مع وجود عنصر الايريديوم- تسببت في انقراض جنس الديناصور..

وبغض النظر عن سبب الأنقراض، إلا أنها بالتأكيد إنقرضت وفقاً لخطة إلهية لمنفعة الإنسان بتحولها إلى بترول Petroleum، وتجنباً لمشاكل وجوده مع على سطح الأرض.


أيام الخليقة الستة
اليوم السادس: الحيوانات والإنسان

"وقال الله: لِتُخْرِج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها؛ بهائم، ودبابات، ووحش أرض كأجناسها" (تك31،24: 1).

بعد أن تخلصت الأرض من أي ديناصورات ملأت حقبة الحياة الوسطى، عندئذ خلق الله الكائنات الأخرى التي يتعايش معها الانسان، فخلق الله البهائم والدبابات والوحوش. والبهائم هي تلك الحيوانات المُستأنسة التي يربيها الانسان، وينتفع بها سواء كطعام، أو من خلال خدماتها. والوحوش هي تلك الحيوانات المفترسة وغير المستأنسة والتي تسكن الغابات والبراري.

أما الدبابات فهي الحيوانات الصغيرة التي تدب على الأرض (أي تسير بأقدامها) كالكلاب والقطط وغيرها، كبيرة كانت أم صغيرة.

وعندئذ اكتملت الأرض واكتمل إعدادها لاستقبال رأس الخليقة الذي هو الانسان.

* خلق الإنسان:
أ) "قال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك26: 1).

نلاحظ هنا أن كلمة "قال" بصيغة المفرد، وكلمة "نعمل" بصيغة الجمع. بالمفرد لأنه إله واحد، وبالجمع لأنه ثلاثة أقانيم. وقد يقول البعض أن صيغة الجمع للتعظيم، وللرد عليها نقول:

أولاً: لا يوجد في العبرية صيغة التعظيم على الإطلاق، ورغم هذا وجدت في النسخة العبرية بصيغة الجمع.

ثانياً: في مرات عديدة ذُكِرَ عن الله بصيغة المفرد، وأمثلة ذلك: "إياك رأيت بارً لديّ"؛ "أنا ترس لك"؛ "بذاتي أقسمت يقول الرب"؛ "أنا الرب إلهك" (تك7؛ 15؛ 22؛ خر20)..

* ذُكر في عملية الخلق هذه العبارات الثلاثة في كل مرة: "فقال الله"؛ "فعمل الله"؛ "فرأى الله". وهي تعني "فقال الآب"؛ "فعمل الابن"؛ فرأى الروح القدس".

* إكمال الأشياء في ثالث يوم:
* في اليوم الأول: خُلِقَت الأرض ولكنها كانت خربة وخالية. وفي اليوم الثالث ظهر جمالها عندما انشكفت المياه عنها إلى مكان واحد.

* في اليوم الثاني خلق الله الجَلَد. وفي اليوم الرابع ظهر جماله واكتمل بظهور الشمس والقمر.

* في اليوم الثالث تجمعت المياه إلى مكان واحد مكونة البحار. وفي اليوم الخامس اكتمل عملها عندما أخرجت وأعطت الأسماك والزواحف.




جدول تطابق الكتاب المقدس مع علم الحفريات


كشف علم الحفريات عن التطابق بين ما سجله الكتاب المقدس وما اكتشفه علم الحفريات بخصوص تتابع ظهور الأشكال النباتية والحيوانية
لاحظ أن سفر التكوين كتبه موسى النبي في القرن 15 قم وأغلب مكتشفات علم الحفريات كانت في القرن 19 أي أن الفارق الزمني بينهما 3400 عام.

بمقارنة السجل الكتابي بالسجل الحفري نجد تطابقاً تاماً يوضحه باختصار الجدولان التاليان:
أ) جدول يوضح التطابق الكامل بين الكتاب المقدس والعلم لأول ظهور لأشكال الحياة النباتية
الحقب السجل الحفري للحياة النباتية السجل الكتابي للحياة النباتية
الحياة القديمة أول النباتات البرية عديمة البذور مثل الحزازيات والسراخس (العصر السيلوري) "فأخرجت الأرض عشبا" (تك12: 1)
الحياة الوسطى بدأ ظهور النباتات عارية البذور (المخروطيات) حيث تتكون البذور على المخاريط الزهرية كما في أرز لبنان والصنوبر (العصر الرياسي)

بدأ ظهور النبتات المثمرة وتخوي ثمارها البذور في داخلها (العصر الجوراوي)
"..وبقلاً يبزر بزراً كجنسه" (تك12: 1)

"وشجر يعمل ثمراً بزره فيه كجنسه" (تك12: 1)
الحياة الحديثة بدأ ظهور أنواع جديدة من النباتات المثمرة (العصر الإيوسيني)، ثم تعددت أجناس كاسيات البذور وبالأخص ذوات الفلقتين "وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً" (تك2: 8)

ملاحظات للتوضيح:
1- لم يرد في السجل الكتابي ذكر الأعشاب المائية التي بدأ ظهورها سابقاً للنباتات البرية في أول ظهورها سابقاً للنباتات البرية في أول عصور الحياة المعروف باسم العصر الكمبري ذلك لأن أغلبها مجهرية دقيقة، والكتاب المقدس يخاطب الإنسان عن المرئيات الظاهرة في الأغلب.

2- ظهور أشكال من النباتات على التتابع في حقب الحياة الوسطى والحديثة يوضحه لنا تفسير توما الأكويني (1225-1274):

"إن الله لم يخلق النباتات كاملة في اليوم الثالث من أيام الخليقة، وإنما منح الأرض قي ذلك اليوم المقدرة على الإنبات فبدأت الأرض تنبت نباتها.. ودليل هذا من الكتاب المقدس ذكر أنواعا جديدة من النباتات في اليوم السادس للخليقة (يقابل حقب الحياة الحديثة).

ب) جدول يوضح التطابق الكامل بين الكتاب المقدس والعلم لأول ظهور لأشكال الحياة الحيوانية
الحقب السجل الحفري للحياة الحيوانية السجل الكتابي للحياة الحيوانية
الحياة القديمة (تقابل جزء من اليوم الثالث للخليقة + اليوم الرابع للخليقة) ظهور فجائي لمعظم شعب اللافقاريات في بحار العالم (العصر الكمبري)

- بدء ظهور الأسماك المدرعة (العصر الأوردوفيشي)
وقال الله: "لتفض المياه" (تك20: 1)

إشارة إلى وجود حياة حيوانية سابقة في الماء قبل اليوم الإلهي الخامس للخليقة

الحياة الوسطى (يقابل اليوم الخامس للخليقة) - بدء ظهور الزواحف العملاقة المنقرضة (العصر الترياسي)

- بدء ظهور الطيور (العصر الجوراوي)
"وخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة وكل طائر ذي جناح كجنسه" (تك21: 1)
الحياة الحديث (يقابل اليوم السادس للخليقة) - بدء ظهور الزواحف الحديثة (الثعابين في الإيوسين)

- بدء ظهور الثدييات آكلة العشب ثم آكلات اللحوم

- ظهور الإنسان (آخر المخلوقات)
"لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها بهائم ووحوش أرض كأجناسها" (تك24: 1)

- "وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض" (تك7: 2)
ومن الجدير بالذكر أن هذا التتابع للكائنات الحية والذي أوضحه العلم الحديث كان مخالفاً تماماً في زمن كتابته لما كانت تعتقد به الحضارات المعاصرة في ذلك الحين، والتي حوَت من الخرافات والأساطير الشيء الكثير، الذي لم يشر إليه موسى لأنه كان يكتبه مسوقاً من الروح القدس.



جنة عدن



قبل بداية الزلازل والتوابع وتدنيس الإنسان المتمثل في خطئية آدم وحواء، كان هناك مكان جميل على كوكب الأرض ليس له نظير آخر. حقاً.. إنه الجنة.. ويقع في مكان يُطلَق عليه "عَدْن". ووصف الكتاب المقدس في (تك4: 2-17) هذا المكان الجميل الذي بدأت فيه حياة البشرية على كوكب الارض، بأنه "بستان عدن".

هل قصة جنة عدن Garden of Eden حقيقية؟ وهل لجنة عدن وجود حقيقي على الأرض؟ أم هي في موضع آخر غير الأرض؟ وهل العلم يؤيد وجود تلك الجنة؟

لقد جاء في الكتاب المقدس: "وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس. اسم الواحد فيشون.. واسم النهر الثاني جيحون.. واسم النهر الثالث حداقل.. والنهر الرابع الفرات" (تك10: 2-14). ولكي يكون هذا الكلام صحيحاً، ينبغي أن نتأكد من وجود الأربعة أنهار. وبالبحث الأولي نلاحظ وجود نهرين في العراق باسم نهر "الفرات" ونهر "دجلة"، وهو نهر "حداقل". ومن هنا يصبح احتمال وجود جنه عدن في العراق أمراً متوقعاً. ولكن أين باقي الأنهار؟

لقد حاول الكثير من الباحثين في البحث عن باقي الأنهار عبر التاريخ، وكانت آراء كثيرة في هذا الصدد. فالبعض أعلن أن المقصود بالنهرين فيشون وجيحون هو نهر النيل، وآخرون يقولون أنهما نهر آراس أو نهر الهندوس.. ولكن هذه التخمينات لا تتفق مع ما يذكره الكتاب المقدس، لبُعد المسافة بين هذه الأنهار وبين نهري دجلة (حداقل) والفرات. واقترح البعض أن اسم نهر "كوخا" في جنوب غرب إيران، حيث كان هذا النهر يصل قديماً في الخليج العربي (الفارسي) مع نهري دجله والفرات.

إلى أن أتى العالِم والباحث الألماني "دلتش" واكتشف في بابل قائمة بأسماء الأنهار القديمة التي كانت معروفة وقتئذ، فوجد من بينها أسماء "فيشانو" وهو القريب من "فيشون"، و"جيجانو" وهو متشابه مع "جيحون". ووجد أنهما كانا قريبين جداً من دجلة والفرات.

ومن المُلاحَظ علمياً لأي نهر أنه بدايته يكون كثير الفروع، ثم ينحصر عدد هذه الفروع تدريجياً.. وهذا واضح بالنسبة لنهر النيل الذي يحكي لنا تاريخه أنه كان قبلاً كثير الفروع.. ولازلنا نكتشف آثاراً لتلك الفروع القديمة للنيل.

ومن هنا يتضح أن جنة عدن كانت في أرض العراق.. وهذا ما تؤكده عدة نقاط، منها:
1- أن العرق من البلاد قديمة التاريخ جداً.
2- أن أراضي العراق من أخصب الأراضي في العالم.
3- الوثائق الأثرية تشير أن سهول العراق الكائنة إلى جنوب غرب بابل كانت تُدعى عدن.

فلنسأل الله أن يعم السلام في العراق.. بل وكل العالم.


الطوفان ونوح النبي



1- مقدمة
إهتمت المؤسسات العلمية الكبيرة بتمويل البحوث والدراسات حول كثير من الأمور الإنسانية، كعلاج كثير من الأمراض، وإستكشاف أعماق الأرض، وإستخراج خيراتها، والصعود إلى الفضاء لإستكشاف أسراره.. ويتوصل العلم كل يوم إلى نتائج مبهرة في كل مجال لخدمة ورفاهية الإنسان، وتوصل العلماء إلى معرفة الكثير من أسرار الكون.

ولكن يوجد سر غامض يرجع تاريخه إلى ما يقرب من 5 آلاف سنة، وهذا السر لم يسع العلماء والباحثون إلى الكشف عنه طوال هذه السنوات.

هو سر بناء خشبي ضخم على شكل سفينة موجودة على إرتفاع نحو 14000 قدماً على جبل آرارات (جبل أراراط) بتركيا، مدفون تحت الجليد.

سر مركب خشبية تحدث عنها المستكشفون منذ 700 سنة قبل الميلاد.

هذه المركب كتبت عنها وسائل الإعلام، وتحدثت عنها السلطات الحربية التركية، مقرين ومعترفين بوجودها في الثمانينات من القرن التاسع عشر.

تلك المركب التي تم تصويرها عن طريق بعثة دراسية سنة 1955، حيث وجدت على عمق 35 قدماً تحت سطح الجليد. وعلى أخشاب هذه المركب أجريت إختبارات علمية عديدة؛ وقد أثبتت هذه الاختبارات أن عمر المركب يتراوح ما بين 1200 إلى 5000 سنة.

وفي بداية السبعينات قامت طائرات التجسس الأمريكية والأقمار الصناعية الحربية الخاصة بالتنبؤات الجوية بتصوير هذا الهيكل الخشبي على جبل أرارات.

إن هذا السر العجيب يكشف حقيقته الكتاب المقدس الذي يعتبر المصدر التاريخي الوحيد الذي أرَّخ تفاصيل هذا البناء الضخم.

وكنا نحتاج للكثير من البحث والدراسة للتأكد. هل هذا البناء الخشبي الضخم الموجود حالياً على جبل ارارات هو فلك نوح الذي تحدث عنه سفر التكوين؟! وكيف وصل إلى هذا المكان؟

وفي أيامنا هذه يعرف حوالي بليون ونصف بليون من الناس مسيحيون ويهود ومسلمون قصة نوح الذي نجا من الطوفان العظيم (تك 6-8).

وتسلمت الأجيال السابقة هذه القصة بتسليم كامل، وعاشت القصة في تاريخ البشرية على مدة 5000 سنة.

ولكن بعد ظهور البحث العلمي، وإهتمام البعض بالتشكيك في صحة هذه القصة وغيرها من قصص الكتاب المقدس، كان لزاماً على البشرية تسخير البحث العلمى لتأكيد هذه القصة كحقيقة مؤكدة كما ذكرها الكتاب المقدس.

ولعلم الآثار دوراً هاماً في تأكيد صحة هذه القصة وغيرها من قصص الكتاب المقدس، ولقد كان لنابليون بونابارت وحملاته العسكرية الفضل الأول في ذلك؛ فقد أتى نابليون بونابرت لغزو مصر ومعه 328 سفينة و38000 شخص من باريس. وبالرغم من أن حملة نابوليون بونابارت على مصر كانت حملة فاشلة بكل المقاييس العسكرية (حيث لم يتمكن من الإستيلاء على البلاد أكثر من سنة واحدة)، غير أن الحملة كان لها نتائج علمية مبهرة.. حيث رافَق نابليون بونابرت 120 من العلماء والفنانين تركزت مهمتهم في البحث في أرض مصر.. وكانت ثمرة هذا البحث العثور على حجر من البازلت الأسود سنة 1798م في رشيد سني باسمها (حجر رشيد). وكان هذا الحجر هو البداية الأولى لدور علم الآثار في خدمة الكتاب المقدس. وبفك رموز اللغات الثلاثة المكتوبة على الحجر –وهي اللغة الهيروغليفية [الكتابة المستخدمة في مصر القديمة] واللغة الديموطيقية [الشكل المبسط للكتابة المصرية القديمه] واللغة الإغريقية- بدأت معرفة أسرار الماضي، وكانت وسيلة لإلقاء الضوء على قصص الكتاب المقدس من خلال علم الآثار.



الطوفان والتاريخ



هل قصة نوح حقيقة (سفر التكوين 6-8)؟!
هل قصة نوح النبي أسطورة هادفة في الكتاب المقدس؟ أم هي قصه واقعية حدثت بالفعل؟
هل من الممكن أن يكون قد تم بناء الفلك بالفعل، وظل عائماً لمدة 13 شهراً تقريباً؟
هل من الممكن أن توجد سفينة (فلك) بالضخامة التي تسع كل المخلوقات؟ وهل كانت من القوة حتى تثبت أمام العواصف والأمطار الغزيرة؟

هل بالفعل تغطت الأرض بالمياه؟
مجموعة من الأسئلة تحتاج لدراسة علمية، وتحتاج إلى أدلة وبراهين قوية ومقنعة لأجل تأكيد ثقتنا في كل ما كتب في الكتاب المقدس.

أولاً: الطوفان والتاريخ:
إن حدثاً كهذا لا يمكن أن يطويه التاريخ.. فقد كان يعتبر كارثة عالمية.. وقد تم تسجيله في الكتاب المقدس، ولكن ليس فقط.. فهذه القصة موجودة في خلال أكثر من 200 شكل على مدار التاريخ.. عند سكان الإسكيمو في أمريكا الشمالية، وشعوب سيبيريا، وشعوب فنلندا وشعوب أيسلندا، وأيضاً في الجنوب في نيوزيلندا، وعند سكان أستراليا الأصليين، وفي أطراف أمريكا الجنوبية.. إلخ.


تعليقات